“رمادي أسود كحلي” فيلم فلسطيني جريء يلقي الضوء على معاناة الاسيرات في الأسر وما بعده
“رمادي أسود كحلي” فيلم وثائقي من توقيع المخرج الشاب كرم ابو علي يؤرخ لمعاناة بطلات اسيرات عانين الامرين ولم يستطع جبروت السلاح والقوة الممنهجة على سلب قضيتهن او التقليل من أهميتها رغم الصعاب والمرارة التي واجهتهن في المعتقلات.
جريء هو مضمون الفيلم وان كان الحزن والتأثر والفضول في معرفة تفاصيل عديدة عن مضمون قصص السيدات الاسيرات قد غلب على تلك الجرأة، قوي في مضمونه على الرغم من الامكانات البسيطة المعتمدة في التصوير والتي استطاعت ان تؤدي رسالتها بكل اخلاص ودقة، فنان هو ابو علي ذاك الشاب الطموح الذي اختار قصة من قصص بلاده اليومية لتكون مشروع تخرجه والذي نال عليه الثناء الكبير ليس فقط من لجنة التحكيم انما من كل الجمهور الذي حضر ولعل آخره كان في قاعة وليد حديد الذي ابى الا ان يناقش في بعض التفاصيل من باب الاستعلام والمعرفة والذي لن يكون الاخير بالتأكيد لما لهذا الفيلم من صدق في سرد احداث تاريخ ونضال الاسيرات في الماضي والاحرار اليوم.
الكلمة نيوز التقت ابو علي وكان اللقاء شائقا تحدث فيه المخرج الشاب عن اختياره لموضوع بهذه الحساسية حيث قال “بدأت القصة يوم قرأت مقالا يتحدث عن صعوبة وصول المنتوجات الصحية للاسيرات، فاستفزني الموضوع، ورحت اتساءل عن كيفية تعاطي السجانين مع السجناء في الاسر والامتيازات التي يحصل عليها احدهم دون الاخر الى ان كان القرار بان يكون مشروع تخرجي هو الاسيرات من باب الفضول للتعرف على قصصهن في المعتقلات ومن باب التميز في مشروعي الجامعي”
سألناه عن كيفية اختيار السيدات الاسيرات اجاب “بدأت رحلة البحث عن السيدات بالاتفاق مع نادي الاسير الفلسطيني آخذين بعين الاعتبار وضعهن النفسي، عمر أو سنوات أسرهن، تقبّل الحديث عن الموضوع، ورويدا رويدا وقع الخيار وكانت السيدات حنان امسيح، عبير الوحيدي، ماجدة السلايمة، ورولا أبو دحو، هن اللواتي ترجمن الواقع المعاش خير ترجمة.
عرف ابو كرم كيف يكشف عن صعوبات الحياة داخل السجن بأدق التفاصيل، وأصعب اللحظات، فهن عشن التجربة المرة تحدثن عن واقعهن ما قبل الاسر، داخل السجون، والعذاب الذي تعرضن له، وما بعده لناحية تقبل المجتمع لهن من جهة ولكيفية اعادة ترتيب حياتهن من جديد مرة اخرى، فكن يتحدثن بفرح واحيانا بمرارة وايا كان الموقف فهن غير نادمات ومشوار النضال معهن لن ينضب او يجف.
عن مدة التصوير والمشاهد المأخوذة اجاب ابو علي “استغرق تصوير الفيلم حوالي الشهر تقريبا، أما المشاهد المصورة فمن بيوتهن في رام الله، ومن ارشيفهن الخاص، وانا سعيد جدا بنجاح الوثائقي هذا الذي صور بمعدات بسيطة لكن بكمية من الشغف والحب لا تضاهيان اي فخر في الدنيا.”
وفي الختام لفت ابو علي الى ان اختيار عنوان فيلمه “رمادي أسود كحلي” جاء تماشيا مع مفردات السجن اللونية مؤكدا ان لحظات التصوير ونقل واقع مأساوي كالذي تحدثن عنه السيدات بدء من لحظة الاعتقال وعذاباته مرورا بالامل المتأتي عن الطفل فلسطين وصولا الى الحرية المشوهة بنظرات المجتمع الذي لا يرحم كلها أمور علّمت في حياته وعلمته ان لا يتنازل لحظة واحدة عن مبادئه وبان لا يرضى بأقل مما قدمه في اول عمل له، واعدا الجمهور بعرض آخر قريب يعلن عنه في حينه.