تحتوي شجرة الكرمة المتسلقة المعروفة باسم “خطوات الموت السبع” ضمن نموها السام على شيء، يعتقد العلماء أنه مركب قوي مضاد للسمنة، وهو السيلسترول، ولأول مرة، تم إنتاج هذا المركب الذي يتم الترويج له ببساطة وأمان، باستخدام الخميرة العادية كمضيف “بديل” مثالي، وفقًا لما نشره موقع New Atlas نقلًا عن دورية Nature Chemistry.
نبات سام للبشر
ينمو النبات، المعروف باسم كرمة الرعد Tripterygium wilfordii، في الغالب في الصين ويستخدم منذ فترة طويلة في الطب التقليدي لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي والتصلب المتعدد ومرض كرون والذئبة والصدفية والحمى وغيرها، لكن سميته للبشر جعلت استخلاص خصائصه الكيميائية المفيدة، حسبما يقال، يستغرق وقتًا طويلاً ومحفوفًا بالمخاطر وغير قابل للتطوير على الإطلاق لمزيد من الدراسة والاستخدام التجاري في المستقبل.
استخلاص سهل ومستدام
جعل علماء جامعة كوبنهاغن عملية استخلاص مركب السيلسترول بسيطة ومستدامة ــ وهو الإنجاز الهائل المطلوب لتحويل هذا المركب الواعد إلى علاج قابل للتطبيق وسهل الإنتاج للسمنة في المستقبل.
وقال سوتيريوس كامبرانيس، الأستاذ في قسم علوم النبات والبيئة، إنه “لأسباب واضحة، لا يمكن لأي شخص أن يأكل النبات ويستفيد من الدواء”، مشيرًا إلى “أن المشكلة كانت تكمن في استخراج السيلسترول من مصدره الطبيعي نتيجة لأن عملية فصل المركب عن الجزيئات السامة الأخرى التي يمتلئ بها النبات، كانت صعبة للغاية، بل لا توجد، حتى الآن، طريقة فعالة لتحقيق ذلك”.
هرمون ببتيد اللبتين
منذ عدة سنوات، استحوذ مركب السيلسترول على انتباه الباحثين، الذين درسوا خصائصه والذين أدركوا قدرته المبهرة على التفاعل مع هرمون الببتيد اللبتين، الذي يلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم مدخلات الطاقة وإرسال إشارة إلى الدماغ عند الحاجة إلى المزيد من الطعام، أو عندما يصل الجسم إلى حالة الشبع. ولأنه مع زيادة الوزن، تتراكم مقاومة الليبتين، مما يتسبب في فشل تلك الإشارات، وخلل تنظيم الجوع والشبع، مما يؤدي إلى اكتساب المزيد من الكيلوغرامات الزائدة.
نتائج واعدة
لكن أظهر السيلسترول نتائج واعدة كبيرة في عكس هذه العملية، واستعادة حساسية اللبتين وإعادة إنشاء إشارات الحد من الطاقة الحيوية للحفاظ على الوزن على المدى الطويل.
وعلى سبيل المثال، يمكن للدواء الناجح الذي تم تطويره من السيلسترول أن يساعد الأشخاص على المدى الطويل بعد أن فقدوا الوزن في البداية باستخدام العقار الجديد GLP-1، حيث إن هذه الفئة من الأدوية لا تمنع حتى الآن زيادة الوزن بمجرد توقف العلاج.
خريطة بتكنولوجيا حيوية
يرى الباحثون أن الحل يكمن في التكنولوجيا الحيوية، لإنتاج المستخلص صناعيًا باستخدام المكونات الرئيسية المأخوذة من “الوصفة” الأصلية داخل تركيبة النبات. ومع أخذ هذا الهدف في الاعتبار، أصبح فريق الباحثين في نهاية المطاف هو أول من رسم خريطة للمسار الذي يتضمن الخطوات البيوكيميائية الخمسة عشر، التي يتخذها النبات لصنع السيلسترول، وهي العملية التي أزالت جميع العوائق التي تقف في طريق تطوير هذا المركب بشكل أكبر.
استضافة الخميرة لجزيء معقد
وقال الباحث الرئيسي في الدراسة يونغ تشاو: “يمكننا الآن أخذ الجينات والإنزيمات التي تصنع المادة ووضعها في كائن حي آخر يقوم بتكوينها مع ميزة عدم إنتاج مواد سامة، وهو ما تم بواسطة الخميرة”.
في حين أن المستحضرات الصيدلانية الحديثة يتم تصنيعها إلى حد كبير من خلال التوليف القائم على البتروكيماويات القائمة على النفط الخام، فإن الخميرة تستخدم على نطاق واسع في جميع أنحاء صناعة التكنولوجيا الحيوية. كما أنها مناسبة بشكل أفضل لمركب النبات.
وقال تشاو: “نظرًا لأن جزيء السيلسترول معقد للغاية، لا يوجد حاليًا سوى طرق تركيب كيميائي غير فعالة للغاية ولا يمكن تطبيقها على الإنتاج على نطاق واسع”، موضحًا أن الطريقة المبتكرة “ليست مجرد طريقة خضراء، بل إنها أيضًا الطريقة الحقيقية الوحيدة الموجودة.” وباستخدام الخميرة ككائن حي مضيف، تمكن الباحثون من عزل و”إنماء” السيلسترول الاصطناعي في خزان بسرعة وبقابلية تطوير مستدامة.
منتج نهائي خلال أسبوع
وقال بروفيسور كامبرانيس إن “الحصول على المنتج النهائي أصبح يستغرق حوالي أسبوع واحد فقط، ويتم ذلك بدون المذيبات أو المحفزات السامة التي تستخدم عادة في التركيبات الكيميائية، شارحًا أن هذا هو السبب وراء اختيار استخدام الخميرة ككائن حي، بينما يقوم الأكاديميون بتطوير التكنولوجيا، فمن المهم أن تأتي في شكل مفيد للصناعة، حيث يمكن تطوير التكنولوجيا بشكل أكبر لصنع المنتجات التي يمكن أن تساعد الجميع”.