أخبار لبنان

في الذكرى الخمسين على تأسيس العلاقات اللبنانية – الصينية

الخوري : الشركات الصينية جدية في الاستثمار في القطاعات اللبنانية  ونجاحه مفيد للبلدين معا 

حاوره مازن مجوز

تجمع لبنان والصين علاقة تعاون وصداقة متبادلة، وتُعد علاقات التعاون الإقتصادي والتجاري بين الجانبين من أهم ركائز التعاون اللبناني الصيني، حيث تحتل الصين المركز الأول في قائمة الدول التي يستورد منها لبنان، إضافة إلى المساعدات العينية والطبية التي تقدمها الصين الى لبنان خصوصا في ظل إنتشار جائحة كوفيد 19 .

فبكين تعتبر لبنان محطة محورية هامة تاريخيا وحلقة حيوية في مبادرة الحزام والطريق في المرحلة المعاصرة، وحمل الصينيون للبنان في الفترة الأخيرة  9 مشاريع تنمويّة واقتراحات حلول لأزمات مزمنة، أنتجت بدورها أزمات اقتصادية وديموغرافية وسياسية ومعيشية ومالية .

لقد ساهمت حرية الإستيراد والتصدير، وإقتصاد السوق الحر، ودور لبنان كمركز إقليمي للنقل والتجارة بين الشرق والغرب في فتح الأبواب أمام الصين إلى العالم العربي. من جهة أخرى، تمثل السوق اللبنانية العديد من الفرص للمستثمرين الصينيين وخصوصا في قطاع التكنولوجيا، والصناعات الإستراتيجية، والبنى التحتية، والطاقة، والموارد الطبيعية، والقدرات الإنتاجية، والأنشطة التجارية. ومؤخراً، أنهت شركات صينية إستطلاعاً أوّلياً في السوق اللبنانية بخصوص جدوى الإستثمار في قطاع التكنولوجيا وفي ​قطاع النفط​.

الكلمة نيوز إلتقى نائب رئيس الجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية البروفسور بيار الخوري وكان معه هذا الحوار :

في الذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وجمهورية الصين  الشعبية، يظهر أن ثمة فارقا في الرؤية إلى سياسات التعاون المشترك بين البلدين . هل ترى هذه المشهدية في هذه العلاقة الثنائية  ؟

– في البداية يشرفنا التأكيد على متانة هذه العلاقة القائمة على الود والإحترام المتبادل، كما يسرني التأكيد على نهج الحياد الذي تمارسه القيادة الصينية حيث أنها تحترم سيادة وإستقلال لبنان، وأنه بلد يمتلك حرية القرار في تحديد مصيره وفي كل ما يمكن أن ينعكس إيجابا عليه وعلى أبنائه .

وكما نعلم فإن لبنان بأمس الحاجة إلى نهضة إقتصادية تشمل المرافق والقطاعات كافة، دون أن ننسى الإهتراء الذي تعانيه البنى التحتية في لبنان؛ في المقابل الصينيون لديهم كفاءة عالية في هذه البرامج الإقتصادية وسرعة في التنفيذ وافضليات من ناحية الكلفة.وهذا يدفع كل دول العالم الى التفكير في الخيار الصيني خصوصا اليوم مع بروز الحاجة الى تخفيض عناصر الكلفة في كل شيء بما في ذلك اثر الانفاق العام على حجم الاقتصاد.

وأعتقد ان الصين قادرة على تقديم الحلول في هذا المجال ورأينا كيف أن الكثير  من الدول المتقدمة والدول النامية تستفيد على حد سواء من هذه الحلول..  لكن في لبنان لم نلحظ حصول ذلك ربما لأن القيادة السياسية فيه لا تملك أي هامش من الحرية بسبب حجم اللامناعة الذي وصله الوضع اللبناني . وبالتالي هذه القيادة تجري  حسابات سياسية  قد لا تكون الدول الاخرى مضطرة لاجرائها في تعاملها مع الدولة الصينية.

– كما ذكرتم أنه يمكن الإستفادة من التجارب والخبرات الصينية في الكثير من القطاعات . ومن بينها  التعليم الصيني الذي حقق انجازات باهرة أثارت انتباه العالم. وقد رأينا المعاناة وشبه الإنهيار الذي يتعرض له هذا القطاع في لبنان.  كيف يمكن للصين المشاركة في إنقاذ وتطوير هذا القطاع ؟

لبنان عاجلا أم آجلا سيدخل في مرحلة بناء البلاد كثيرا،  ومؤسساتها الموجودة بحاجة الى اعادة تاهيل شاملة،  وهناك مشروعات جديدة تحتاج أيضا لشريك دولي قوي ومنافس للدخول فيها  خصوصا في مجال البنى التحتية والتعليم.

فالتربية الصينية ركزت على نشر التعليم حتى غدت الصين أغنى بلاد العالم بالمدارس، والتعليم هو الركيزه الاساسية في نهضة الشعوب، ‎ وعلى صعيد  التعليم نستطيع ان نستفيد اليوم من الخرق العلمي الذي تمثله الصين وجامعاتها، وهنا يمكن أن نشير الى أن هناك حاجة للسعي من قبل الحكومة اللبنانية لتوسيع حجم المنح  التي يحصل عليها الطلاب اللبنانيون، كذلك طرحت الصين ولا تزال الكثير من الطروحات لتطوير هذا القطاع وإنقاذه دون ان يتم إعتماد أي منها من قبل الحكومات اللبنانية.

الصين تفضل دائما العمل في جو آمن ومستقر، ولكن لبنان اليوم يفتقر إلى هذين العنصرين من الناحية والإستثمارية والإقتصادية فهل هذا ما يؤخر انطلاق التعاون الثنائي اليوم ؟  

نعم الصين تفضل الجو الآمن والمستقر إستثماريا، إنما ليست مكتوفة الأيدي حيال تفعيل التعاون . فالشركات الصينية البنى التحتية والكهرباء والطاقة البديلة وغيرها من المشاريع، كما زارت الوفود الصينية لبنان للتباحث بشأن الاستثمار فيه، وتم أيضاً توقيع مذكرة تفاهم بين شركات صينية ووزارة الأشغال العامة في عهد الوزير يوسف فينيانوس بشأن أعمال سكة الحديد وقطاع النقل. اتخذت خطوات جدية، وأرسلت العديد من الطلبات إلى الحكومة اللبنانية للاستثمار في مشاريع .

ومن هنا كل هذه النشاطات تعكس مدى جدية الشركات الصينية للاستثمار في لبنان. وفي تصريح للسفير الصيني في لبنان، تشيان مينجيان، يوضح أن “بعض الشركات الصينية أبدى اهتماماً كبيراً بالاستثمار في مشاريع واسعة النطاق في قطاعات الطاقة والاتصالات السلكية واللاسلكية والنقل والمياه وغيرها من مجالات البنية التحتية، ويقوم حالياً باستطلاع السوق اللبنانية”.

على ماذا تقوم سياسة الصين في التعامل مع الدول الأخرى ؟

الصين، وغيرها من الدول، لا تبادر إلى القيام بمشاريع ضخمة من أجل لا شيء، ولكن سياسة الصين في التعامل مع الدول الأخرى واضحة، تقوم على مبدأ المنفعة المتبادلة والكسب المشترك ومبدأ “رابح رابح”؛ بمعنى أن المشاريع الصينية ستعود بالنفع على الصين وعلى الطرف الآخر المتعاقد معها. لكن وللأسف اليوم ليس هناك اي مبادرة حقيقية من الدولة اللبنانية  لمعرفة كيف يمكن للصين ان تساهم في اخراجنا من هذا القعر الذي وصلنا اليه .

وفي الواقع إن ورشة اعادة الاعمار لا يمكن ان تكون موجهة فقط نحو الغرب، لأن  الغرب قد لا يكون مهتما بكل هذه الورشات، ونحن بحاجة الى تنويع مواردنا الدولية وشركائنا الدوليين من اجل مصلحة لبنان.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى