مع اقتراب فصل الصيف في كل عام يتزايد الحديث عن مرض سرطان الجلد، وما إذا كان التعرض لأشعة الشمس المباشرة له علاقة بهذا المرض أم لا، خاصة أن الكثير من الناس يتعمدون التعرض لأشعة الشمس على اعتبار أنها المصدر الرئيس لفيتامين (D) الذي يعاني كثير من الناس من نقص فيه.
وخصصت جريدة “نيويورك تايمز” الأميركية تقريراً اطلعت عليه “العربية نت” عن مخاطر الإصابة بسرطان الجلد بالنسبة لمن يتعرضون لأشعة الشمس المباشرة خلال فصل الصيف، وأكدت أن هذه الأشعة هي السبب الرئيس لأحد أخطر أنواع سرطان الجلد الذي يصيب الإنسان ويؤدي به إلى الوفاة.
وقال التقرير إن “من المهم أن نأخذ المخاطر على محمل الجد، حيث تعد الأشعة فوق البنفسجية الموجودة في ضوء الشمس عاملا خطرا رئيسيا للإصابة بسرطان الجلد، والذي يؤثر على واحد من كل خمسة أميركيين طوال حياتهم”.
الأنواع الأكثر فتكاً بالبشر
وتقول الصحيفة إن سرطان الجلد من بين الأنواع الأكثر فتكاً بالبشر، حيث يتم تشخيص إصابة نحو 100 ألف شخص بالميلانوما كل عام في الولايات المتحدة وحدها، ويموت بسببه نحو 8 آلاف أميركي سنوياً، وفقا لجمعية السرطان الأميركية.
ولحسن الحظ، هناك طرق بسيطة لتقليل المخاطر، والكشف المبكر عن الحالات المحتملة عندما تكون قابلة للعلاج، كما أحدثت العلاجات التي تمت الموافقة عليها على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية تحولاً في علاج سرطان الجلد، مما أدى إلى إطالة عمر المرضى وتحسينه حتى في الحالات المتأخرة، بحسب التقرير.
ويُطلق على سرطان الجلد اسم “الورم الميلانيني”، وهو سرطان يبدأ عادة في خلايا الجلد المعروفة باسم الخلايا الصباغية التي تصنع صبغة الجلد، وبالمقارنة مع سرطانات الجلد الأكثر شيوعاً والتي تبدأ في الخلايا الحرشفية أو القاعدية، من المرجح أن ينتشر سرطان الجلد إلى أجزاء أخرى من الجسم.
وقال الدكتور مايكل ديفيز، رئيس قسم الأورام الميلانينية الطبية في مركز “إم دي أندرسون” للسرطان بجامعة تكساس الأميركية “إن لدى هذا السرطان حقا سلوكاً عدوانياً للغاية وبيولوجياً ورائه”.
وتظهر معظم الأورام الميلانينية على شكل بقع مسطحة أو مرتفعة قليلاً ذات لون داكن على الجلد الذي تعرض بشكل متكرر للأشعة فوق البنفسجية، مثل فروة الرأس والوجه والذراعين والظهر والساقين، وفي نسبة أقل من الحالات، قد يظهر النمو على شكل نتوءا داكنا أو أحمر اللون وينمو داخل الجلد، مما قد يزيد من صعوبة اكتشافه.
وهناك شكل أقل شيوعاً، وهو الورم الميلانيني النمش الخبيث، ويصيب في الغالب كبار السن الذين تعرضوا لأشعة الشمس بشكل كبير، وغالباً ما يظهر على شكل بقع بنية أو بنية غير طبيعية على رؤوسهم أو أعناقهم. وهناك نوع أكثر ندرة، يسمى الورم الميلانيني النمش الطرفي، ويحدث على اليدين والقدمين ويمثل أكثر من نصف حالات سرطان الجلد لدى الأشخاص غير البيض. كما يمكن أن يحدث الورم الميلانيني أيضاً في العينين أو الأغشية المخاطية مثل داخل الأنف أو الحلق، لكن هذه الحالات نادرة.
هل يمكن الوقاية من سرطان الجلد؟
يسود الاعتقاد بأن الورم الميلانيني ينجم عن مزيج من العوامل الوراثية والبيئية، حيث إن أحد المخاطر الرئيسية هو التعرض للأشعة فوق البنفسجية، بما في ذلك الشمس والدباغة الداخلية. ويمكن أن يؤدي وجود تاريخ من حروق الشمس الشديدة والمتقرحة إلى زيادة خطر إصابتك؛ كما يمكن العيش بالقرب من خط الاستواء أو على ارتفاع عالٍ، حيث تكون أشعة الشمس أكثر كثافة.
وتقول “نيويورك تايمز” إن أفضل طريقة لتقليل مخاطر الاصابة بسرطان الجلد هي تجنب التعرض غير الضروري للأشعة فوق البنفسجية. وتكون أشعة الشمس في أقوى حالاتها بين الساعة 10 صباحاً و4 مساءً، لذا فمن الأفضل تجنب الخروج من المنزل خلال تلك الساعات، كما يوصي الأطباء بارتداء ملابس ونظارات واقية، واستخدمي بانتظام واقي الشمس.
كما حذر الدكتور شانثي سيفندران، طبيب الأورام ونائب الرئيس الأول لجمعية السرطان الأميركية، من استخدام مصابيح وأسرة التسمير، التي تزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بسرطان الجلد.
ومنعت عشرون ولاية ومقاطعة كولومبيا القاصرين من استخدام أسرة التسمير، ويرجع ذلك جزئياً إلى هذا القلق، وفقاً لمؤسسة سرطان الجلد، لكن ست ولايات أميركية لا تمنعهم من القيام بذلك.
والأشخاص ذوو البشرة الفاتحة هم أكثر عرضة للضرر الناتج عن الأشعة فوق البنفسجية، لكن الدكتور سيفندران قال إن هذا لا يعني أن أصحاب البشرة الداكنة يجب أن لا يظلوا يقظين أيضاً. وقالت: “يمكنك أن تصاب بالميلانوما بغض النظر عن لون بشرتك”.
ومن المهم أيضاً معرفة ما إذا كان سرطان الجلد موجوداً في عائلتك، مما قد يزيد من خطر إصابتك، كما أن الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة هم أيضاً أكثر عرضة للإصابة بالورم الميلانيني. في حين أن ما يقرب من نصف الحالات تحدث لدى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 66 عاماً أو أكثر، إلا أن الأشخاص الأصغر سناً قد يصابون أيضاً بسرطان الجلد.
كيف يمكنني اكتشاف سرطان الجلد؟
يعد اكتشاف سرطان الجلد في وقت مبكر أمراً هاماً، لأن جميع الحالات التي لم تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم تقريباً قابلة للشفاء. ولكن بمجرد وصول المرض إلى العقد الليمفاوية أو الأعضاء البعيدة، تنخفض معدلات البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات بشكل ملحوظ.
ولا توجد إرشادات قياسية لفحص سرطان الجلد، ولكن يمكن للأطباء فحص بشرتك بحثاً عن أي تشوهات أثناء الفحوصات السنوية. كما أوصت الدكتورة كيلي نيلسون، طبيبة الأمراض الجلدية في مركز “إم دي أندرسون” للسرطان، بأن يقوم المرضى بإجراء فحوصات ذاتية منتظمة من الرأس إلى أخمص القدمين.
وقالت الدكتورة نيلسون إنه للتعرف على التغيرات التي تطرأ على بشرتك، من المفيد أن تكون على دراية بها، وأضافت: “الأشخاص الذين هم أكثر وعياً بما يبدو عليه الجلد على ظهورهم هم أقل عرضة للوفاة بسبب سرطان الجلد من الأشخاص الذين ليس لديهم أدنى فكرة على الإطلاق”.
وتابعت: “إنه خط رفيع من التوازن بين وجود درجة معينة من الوعي بالبشرة، ولكن أيضاً عدم القلق من أن كل شامة في جسمك هي قنبلة موقوتة”.