الحرب الإسرائيلية على إيران بعيون كندية: خطاب رسمي وإعلامي يبرّر، وإعلام نقدي يفضح -الجزء الاول

كتبت دارين حوماني
“حملة إيران تتعمق أكثر، فهي لا تستهدف تدمير إسرائيل فحسب، بل محو الذاكرة اليهودية نفسها”، نقرأ هذه العبارة “المضحكة” لأفي بن لولو في مقالة له في الناشيونال بوست له منذ يومين بتاريخ 20 حزيران/ يونيو 2025، وهو الذي يعرف نفسه على انه “صهيوني كندي فخور ومؤسس ورئيس تنفيذي لمبادرة إبراهيم العالمية للسلام، متخصص في معاداة السامية/إسرائيل/الهولوكوست”، ونستعيد كيف على مدى 76 عامًا وإسرائيل تسعى لمحو الشعب الفلسطيني ولمحو ذاكرته وتاريخه وثقافته، لا بل وتحاول سرقة تراثه ونسبه لها، فيما تتجاهل الناشيونال بوست ذلك وتحاول إقناع القرّاء الكنديين بالعكس، المجرم هو الضحية في هذه الصحيفة؛ يذّكرنا هذا بما قاله المؤرخ اليهودي وأستاذ التاريخ في جامعة مونتريال بكندا عام 2021 أن “إسرائيل تلعب دور الضحية وعليها مواجهة سجلّها الإجرامي”.
لكن ليست كل وسائل الإعلام الكندية بما فيها المواقع والصحافيين المستقلين يتبعون نفس النهج التفكيكي في قلب الحقيقة والسعي لتحريك مشاعر التعاطف مع إسرائيل، ففي مطالعتنا لكيفية تناول الصحف الكندية لهذه الحرب، وجدنا أصواتًا حرّة تكشف كيف يعمد نتنياهو إلى تخريب الجهود الدبلوماسية وإدامة الفوضى لتعزيز سلطته وعرقلة أي تقدّم نحو الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية.
هنا مواقف رسمية ومواقف إعلامية من العدوان الإسرائيلي-الأميركي على إيران
مواقف رسمية كندية
على الرغم من إيران كرّرت مرارًا عدم رغبتها بامتلاك سلاح نووي، وهذا ما أكّداه قبل أيام الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن إيران لا تسعى لامتلاك سلاح نووي، إلا أن بعض المواقف الرسمية الكندية من الحرب الإسرائيلية على إيران تتحدث بالتكافل والتضامن مع أميركا وتنشر البروباغندا الأميركية بأن “كانت إيران على بُعد أسبوعين من امتلاك سلاح نووي” وتبرّر الحرب الإسرائيلية، كما فعلت أميركا مع العراق سابقًا ومع ليبيا، وهو مخطط تحدّث عنه نتنياهو نفسه عام 2002 بأن هذه الدول الثلاثة “المتورطة في أنشطة إرهابية” تحاول بناء قنبلة ذرية وتشكّل تهديدًا لإسرائيل، يسأل “ما الذي يجب فعله حيال ذلك؟ يتوجب عليكم تفكيك الشبكة، يمكنكم محاربتهم جميعًا ولكن السؤال هل تفككونها كلها مرة واحدة”.
صباح اليوم 22-6-2025 كتب رئيس الوزراء مارك كارني على صفحته على منصة X ما يؤكد دعمه للضربات الأميركية، إذ قال:
“يُشكل البرنامج النووي الإيراني تهديدًا خطيرًا للأمن الدولي، وقد أكدت كندا بوضوح تام أنه لا يمكن السماح لإيران بتطوير سلاح نووي”، مضيفًا: “في حين أن العمل العسكري الأمريكي الذي اتُخذ الليلة الماضية كان يهدف إلى تخفيف هذا التهديد، إلا أن الوضع في الشرق الأوسط لا يزال متقلبًا للغاية. يُعدّ استقرار المنطقة أولوية”. داعيًا الأطراف إلى العودة فورًا إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء هذه الأزمة. معتبرًا أن “ما اتفق عليه قادة مجموعة السبع، فإن حل الأزمة الإيرانية ينبغي أن يؤدي إلى تهدئة أوسع للأعمال العدائية في الشرق الأوسط، بما في ذلك وقف إطلاق النار في غزة”.
وفي نفس اليوم الذي انطلق العدوان الإسرائيلي على إيران سارع كارني في 13 حزيران/ يونيو 2025 إلى تدوين العبارة التالية على صفحته على منصة X:
“لطالما كان البرنامج النووي الإيراني مصدر قلق بالغ، وتُهدد هجماته الصاروخية في أنحاء إسرائيل السلام الإقليمي. تؤكد كندا مجددًا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وضمان أمنها”.
وفي ختام القمة الحادية والخمسين لمجموعة الدول السبع التي عُقدت في ألبرتا بين 15 و 17 حزيران/ يونيو 2025، أصدر قادة الدول السبع إعلانًا موحدًا، بمن فيهم رئيس الوزراء مارك كارني، ومما نصّ البيان:
“نحن، قادة مجموعة السبع.. نؤكد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. ونؤكد مجددًا دعمنا لأمن إسرائيل. إيران هي المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار والإرهاب في المنطقة. لقد أكدنا بوضوح تام أن إيران لا يمكن أن تمتلك سلاحًا نوويًا”.
وخلال اجتماع القمة، صرّحت وزيرة الخاريجة الكندية أنيتا أناندAnita Anand على حسابها في تويتر “لا يمكن لإيران امتلاك أسلحة نووية. إن جهود إيران المستمرة للسعي وراء الأسلحة النووية، ودعمها للإرهابيين، وهجماتها المباشرة على المراكز المدنية، تُجسّد تهديد إيران المستمر للاستقرار الإقليمي ولإسرائيل، التي لها الحق في الدفاع عن نفسها. المفاوضات الدبلوماسية… تُمثّل أفضل سبيل للسلام”.
هو بيان يؤكد دعم كندا لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، على الرغم من أن إسرائيل هي من بدأت الحرب!!
بدوره كتب بيير بواليفيير Pierre Poilievre زعيم حزب المحافظين على صفحته صباح اليوم 22-6-2025: “إن السماح للنظام الإيراني المُجرم بامتلاك سلاح نووي كان ليكون تهورًا. الإجراءات الأمريكية والإسرائيلية لمنعه من ذلك مبررة تمامًا”.
وأضاف: “يجب على حكومتنا أيضًا حماية الكنديين من العنف الذي يتسرب إلى مجتمعاتنا في الداخل، ووقف الترهيب والتدخل الأجنبي من قبل النظام الإيراني الذي يستهدف الجاليات اليهودية والفارسية في كندا”.
ومع انطلاق العدوان الإسرائيلي على إيران في 13 حزيران/ يونيو 2025 كتب بواليفيير على منصة X:
“لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، بما في ذلك نزع سلاح البرنامج النووي الإبادي لطهران. لا يمكنها الانتظار حتى يمتلك النظام القدرة على شن ضربة نووية. علينا جميعًا أن نأمل أن يكون هذا نهاية البرنامج النووي للنظام، وأن يتمكن الشعب الفارسي العظيم الآن من النهوض لاستعادة بلاده من النظام الشمولي”. مضيفًا أن على جميع مستويات الحكومة اتخاذ خطوات إضافية لحماية الجالية اليهودية في كندا من “معادي السامية الأشرار” الذين قد يستغلون هذه الأحداث كذريعة لمزيد من أعمال العنف.
كما نشر مستشار سابق لوزير الاقتصاد في كيبيك، جان فيليب فورنييه Jean Philippe Fournier ، تعليقًا على منصة X: “من المرجح أن تنضم الولايات المتحدة في نهاية المطاف إلى الصراع الإيراني الإسرائيلي. على كندا أن تتوقف عن المراوغة الأخلاقية وأن تبذل قصارى جهدها لمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها، بكل ما لديها من قدرات. إن منع إيران من الحصول على قنبلة نووية يصب في مصلحة العالم”.
الحزب الديمقراطي الجديد New Democratic Party
أصدر الحزب الديمقراطي الجديد بيانًا أدان فيه الحرب الإسرائيلية على إيران، ولكنه بالمقابل أدان الردّ الإيراني، وساوى بين إسرائيل وإيران، ومما جاء في البيان:
“ندين الهجوم الإسرائيلي غير القانوني على إيران، وندين الأعمال الانتقامية الإيرانية ضد إسرائيل. هؤلاء القادة الوحشيون عديمو الرحمة يدفعون الشرق الأوسط إلى الهاوية، وستدفع شعوب المنطقة الثمن غاليًا”.
وأضاف البيان أن الأطباء يصفون ما يحدث في المستشفيات الإيرانية بـ”حمام دم”، وحيث “قُتل أو جُرح مئات المدنيين في الغارات الجوية الإسرائيلية. قُتل العشرات من المواطنين الإسرائيليين وجُرح مئات آخرون بالصواريخ الإيرانية”.
وأشار البيان “لطالما أدانّا القمع الوحشي الذي تمارسه القيادة الإيرانية، بما في ذلك الحرس الثوري الإيراني، الذي عذّب وقتل الإيرانيين ورعى الإرهاب. لطالما دعونا كندا إلى معاقبة نتنياهو وحكومته على التحريض و ارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب أخرى، وفرض حظر أسلحة على إسرائيل.
وختم البيان إلى أنه “آن الأوان لكندا أن تقف في وجه دعاة الحرب في إسرائيل وإيران والولايات المتحدة، الذين لا يراعون الإنسانية ولا قدسية الحياة”.
حزب الخضر Green Party
ومع انطلاق قمة مجموعة السبع، دعا حزب الخضر الكندي السلطات الكندية إلى الالتزام بالقانون الدولي ومنع التصعيد الإقليمي الذي تفتعله إسرائيل، مذكّرين بالإبادة في غزة، وصدر بيان عن الحزب، وما جاء في البيان:
“تمثل الغارات الجوية الإسرائيلية على إيران تصعيدًا متهورًا يهدّد بإشعال صراع إقليمي أوسع. وتأتي هذه الهجمات في ظل استمرار تزايد الأدلة على الإبادة الجماعية في غزة”.
وأشارت إليزابيث ماي، زعيمة حزب الخضر، والنائبة عن جزر خليج سانيش: “قمة مجموعة السبع هذه اختبار لمبادئ كندا. يجب على كندا أن تستخدم صوتها للإصرار على أن تحترم جميع الدول القانون الدولي، وتحمي المدنيين، وتواجه المساءلة عن الانتهاكات. ثمن الصمت يُقاس بالأرواح”.
وأضافت ماي: “في هذه اللحظة الحرجة، يجب على كندا أن تقود بشجاعة ووضوح أخلاقي. يجب ألا يُطبق القانون الدولي بشكل انتقائي. يستحق المدنيون في غزة، وفي إيران، وفي إسرائيل، وفي جميع أنحاء المنطقة، الحماية المتساوية التي يوفرها هذا القانون”.
بلوك كيبيكوا Bloc Québécois
وفي 16 حزيران/ يونيو 2025 نشر حساب CIJA ( مركز إسرائيل والشؤون اليهودية في كندا) على فيسبوك، تصريحًا مصوّرًا لزعيم الكتلة الكيبيكية، إيف فرانسوا بلانشيه، ومما قال فيه “إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها. مع تخطيط النظام الإيراني لتصعيد برنامجه النووي، تُعدّ الضربات الدقيقة الإسرائيلية ضرورةً لا خيارًا. لا يُمكن السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي”.
المصدر صدى المشرق