جاليات

انطوانيت شاهين من مونتريال -كندا: دموعكم عزيزة عليّ وأعدكم مواصلة النضال وحتى النفس الاخير

خمس سنوات ونيّف من السجن والعذاب والتعذيب “وحلم احتضان امي وتقبيل يديها لم يفارقني لحظة في لياليّ وصباحاتي التي لم اعرفها الا من شطيرة المربّى التي كان تعلمني بمعاودة نشاط القهر الذي لطالما لازمني ودون رحمة، لا لست بحاقدة على أحد ولا امتلك ثقافة الكره والشر لكل من اذاني، فأنا امرأة مؤمنة وايماني المسيحي علّمني معنى التسامح والذي بسببه انا اليوم سفيرة لحقوق الانسان وأحمل وسام الاستحقاق الفرنسي”.

بهذه العبارات وغيرها الكثير استطاعت المرأة الاستثنائية بحبّها للحياة انطوانيت شاهين ان توحّد القلوب وتبلسم الكثير من الجراح هي التي أبكت كل من حضر بشهادتها الحيّة عمّا عاشته من ظلم وتعذيب وحكم بالاعدام وصولًا الى البراءة والعودة الى الحياة في لقاء حضّر له مركز القوات اللبنانية في مونتريال برئاسة رشدي رعد في صالة tour 800 في لافال حضره الى رعد ممثلة رئيس بلدية لافال ستيفان بواييه ساندرا الحلو، عضو بلدية لافال الين ديب، مناصري القوات اللبنانية، أهل الصحافة وحشد من ابناء الجالية اللبنانية والعربية.

بداية الاناشيد الكندية، اللبنانية والقواتية ثم كلمة ترحيبية لعرّيف الحفل اميل هيكل تاركا بعدها الكلام لسيدة المنبر شاهين لتقدّم شهادة حياة هي الحياة بحدّ ذاتها تحدثت خلالها عما عاشته في سجنها المرعب متوقفة عند فصول ثلاث هي موضوع كتابها “جرمي البراءة” الصادر عن دار النهار باللغتين العربية والفرنسية.

تحدثت ابنة الصياد الشمالي عن اعتزازها وفخرها بأبيها بتربيتها المسيحية الملتزمة، عن امها حيث لا حديث أبلغ وأرق عن سيدة جبّارة ربّت ثمانية اطفال قدمت واحدا منهم على مذبح الوطن وشابة يانعة جامعية متهمة ظلمًا في السجن تعيش ابشع انواع العذاب الجسدي والنفسي رافضة ان تشهد صغيرة اولادها ظلما ولو كان الثمن الحرية والنور و… تحدثت عن عطشها الذي لم يُرتو، عن سكب الماء على جسدها النض وحرقها لدرجة الاغماء، عن وجع السؤال عن حال عائلتها وحرمانها حتى من سماع صوت ست الحبايب، التي نسجت من اجلها حكايا وحكايات خصوصا بعد ملامسة اصبعيهما الصغيرين من وراء الشريط الحديدي والذي كان يمدّها بالقوة لتعبر نفق الظلم والوصول الى باب الحرية، تحدثت عن شدها بشعرها والرمي بها كالطابة وعن وعن حتى صرخ الوجع من أعماقنا متسائلا ومتى انتهى ذاك الليل يا انطوانيت؟

أجابت وبكل رقة “بعد حكم البراءة” الذي صدر بعد أكثر من آلاف الايام المظلمة لأعود واتعلم من جديد على الكلام والمشي والتأقلم، فبعد حياة في غرفة تشبه القبور لا بد من اعادة تأهيل جديدة لأكون على مستوى احلام الرفاق والاهل والمجتمع، انا سعيدة اليوم ومتصالحة مع اوجاعي، مع نفسي ومع محيطي، وكم انا سعيدة بتدريس قضيتي في مدارس فرنسا، فالمظلوم يجب ان يكون فخورا ومن عليه ان يخجل من نفسه ومن التاريخ فهو الظالم، لان نهايته ستكون حتمية وكما يدين يدان لان الله عالم بكل شيء.

وفي ختام شهادتها توجهت شاهين للحضور بالقول: “نحن مقتنعون بلبنان المؤسسات، لبنان شارل مالك، لبنان الذي لا يموت، ولكل الدموع التي انسكبت الليلة اعدكم انني ساواصل نضالي وحتى النفس الاخير”، معددة نشاطاتها المستقبلية التي تصب كلها في خانة الدفاع عن المظلومين.

وبعد فتح باب النقاش وقّعت شاهين كتابها “جرمي البراءة” الذي تمّت كتابته بالتعاون مع الصحافية في جريدة  L’orient le jour فيفي ابو ديب وهي ابنة محامي قضيتها بدوي بو ديب.

يقع الكتاب في 107 صفحات بالابيض والاسود ويتناول قصة حياتها ما قبل السجن، حيث تتحدث عن نشأتها في عائلة مسيحية لها عاداتها وتقاليدها مع اخوتها السبعة هي صغيرتهم، عن عدم تحصيلها شهادة الحقوق من الجامعة اللبنانية بسبب الحرب الدائرة وانتقالها الى دراسة الكومبيوتر، عن هواية كرة الطائرة التي تعشق وعن أمها التي ما اعتادت رؤيتها الا باللباس الاسود بسبب استشهاد ابنها، وخلال السجن وتعرّضها لأبشع انواع التعذيب التي لا يقبلها عقل بشري وقد سردت بعضًا منها في شهادة الحياة، وصولًا الى الحرية والحياة ما بعد السجن حيث باتت اليوم ناشطة في الحقل الانساني هي التي نذرت نفسها للدفاع عن المظلوم.

يذكر ان شاهين تعيش اليوم امومتها بكل تفاصيلها مع ولديها جويا ورواد وهي عضو في العديد من الجمعيات اللبنانية والعالمية التي تعنى بحقوق الانسان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى