هل حمض الليمون المصنّع سام؟
يتم تداول فيديو عبر وسائل التواصل، يزعم المتحدث فيه أن حمض الليمون -الستريك Citric acid- المضاف إلى الأغذية ليس طبيعيا، وأنه يُنتج عبر نوع من الفطريات، وأنه سام، فما مدى صحة ذلك؟
حمض الستريك هو مركّب طبيعي مهم معروف منذ أواخر القرن الثامن عشر، وقد قام الكيميائي السويدي الألماني الرائد كارل فيلهلم شيل بعزله من عصير الليمون عام 1784، ومنذ ذلك الحين تم العثور عليه في الحمضيات الأخرى والأناناس وحتى الأنسجة الحيوانية.
حمض الليمون هو منتج طبيعي، ولكن هناك طلب شديد عليه في الصناعة، لذلك يتم تصنيعه.
ويتم إنتاج حمض الليمون بمعدل يزيد عن مليوني طن سنويا في جميع أنحاء العالم، ومصدره الرئيسي ليس من الفاكهة، ولكن من تخمير السكريات الخام (مثل دبس السكر ونشا الذرة) بواسطة فطر “عفن” الرشاشية السوداء Aspergillus niger، وهذا وفقا للجمعية الكيميائية الأميركية American Chemical Society.
لذلك فعلا فإن حمض الليمون حاليا يُنتَج من فطر، ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أنه سام أو مؤذٍ، إذ إنه يتم تنقيته والحصول عليه في التصنيع بصورة نقية.
ولحمض الليمون عدد لا يحصى من الاستخدامات، معظمها في الأطعمة والأدوية، وتشمل هذه الاستخدامات تعديل درجة الحموضة، ومضادات الأكسدة، والنكهة، وكأملاح معدنية في المكملات الغذائية.
في التطبيقات الصناعية والمنزلية، يعد حامض الستريك عاملا يدخل في العديد من منتجات التنظيف، ومادة أولية لتصنيع السترات وحمض الإيتاكونيك وحمض الأسيتون ثنائي الكربوكسيل ومركبات أخرى.
دورة حمض الستريك
في الكيمياء الحيوية بالكائنات الحية هناك دورة حمض الستريك، وهي عملية حياة رئيسية في جميع الكائنات الحية التي تتنفس، وتسمى أيضا دورة كريبس أو دورة حمض ثلاثي الكربوكسيل، وتبدأ العملية بالبيروفات المشتقة من السكر، والتي تولد إنزيميا أسيتيل الإنزيم المساعد A (CoA) لبدء الدورة.
وتتفاعل الأسيتات المنطلقة من أسيتيل CoA مع حمض أوكسالوسيتيك الناتج في نهاية الدورة السابقة لتكوين حمض الستريك، وتتبع ذلك عدة خطوات، يقوم خلالها تفاعل الأكسدة بإطلاق طاقة للجسم على شكل أدينوسين ثلاثي الفوسفات.
عند التعامل مع حمض الليمون الصافي يجب الانتباه، إذ إنه في حال ملامسة الجسم أو عضو معين مثل العين، قد يؤدي إلى أضرار، مثل حدوث تلف في العين وتهيج، وتهيج الجهاز التنفسي.
عن الفطر الأسود
وفطر الرشاشية السوداء نوع من أنواع العفن، والذي يمكن أن يؤدي في بعض الأحيان إلى بعض حالات الالتهاب الرئوي، وهو أيضا العامل المسبب لظهور “العفن الأسود” على السطح الخارجي لبعض الأطعمة، مثل المشمش والبصل والعنب وما إلى ذلك، مما يجعل الرشاشيات السوداء كائنا حيا “يفسد” الطعام.
الاستخدامات الصناعية لفطريات الرشاشيات
الرشاشيات هي مجموعة من الفطريات الخيطية التي يمكن زراعتها بسهولة في ظروف المختبر، مما يعني أنها واحدة من أكثر مجموعات الفطريات التي تمت دراستها على نطاق واسع.
ويمكن استخدام مجموعة الرشاشيات بمجرد زراعتها، في تصنيع مركبات صناعية مفيدة مثل “هيدرولاز الجليكوسيد”. وتستخدم هذه الإنزيمات في عملية تحويل الكتلة الحيوية إلى وقود حيوي، عن طريق تكسير السليلوز والهيمسيلولوز من جدران الخلايا النباتية، إلى مادة يتم تحويلها لاحقا إلى إيثانول، ويمكن أيضا استخدام هذا النوع لإنتاج المستقلبات النشطة بيولوجيا، بالإضافة إلى المنتجات الصيدلانية الأخرى.
من المعروف أن الأنواع المختلفة من أنواع الرشاشيات تنتج العديد من الأنواع المختلفة من الإنزيمات، مما يجعلها مفيدة جدا لصناعة الأغذية، إذا تم زراعتها وتكييفها بشكل صحيح، ويمكن تكييف الرشاشية السوداء لإنتاج كميات كبيرة من سكريات الفركتوز، وذلك بسبب النشاط العالي الملحوظ للإنزيمات الناقلة للفركتوز الموجودة داخل سطحها.