أخبار لبنان

الراعي يدعو لحماية الشباب الثائر: لحكومة إنقاذ لبنان

ألقى البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، في الأحد الثاني عشر من العنصرة، عظة من الديمان، تناولت إيمان المرأة الكنعانيَّة بعنوان “أيَّتها المرأة، عظيمٌ إيمانكِ”، وفي الشأن السياسي، قال: “ها نحن في الأحد الثاني بعد كارثة انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الجاري، الذي أوقع الكثير من الضحايا: بين موتى وجرحى ومفقودين ومنكوبين ومشرّدين؛ وهدَّمَ أو ألحقَ الكثير من الاضرار في المنازل والمدارس والجامعات ودور العبادة والمستشفيات والمؤسسات العامة والخاصة التجارية والصناعية والسياحية. إننا نذكرهم جميعًا في هذه الليتورجيا الالهية، طالبين لهم تجلّي رحمة الله وتعزياته. وأردّد لهم كلمة الرب يسوع: “لا تخافوا!”، موجّهاً “كلمة الشكر والامتنان للدول التي هبّت من كلّ صوب لمساعدة اللبنانيين المتضررين بمختلف الأنواع، بالاضافة الى المبادرات اللبنانية من أفراد محسنين ومؤسسات اجتماعية وانسانية يدعمها ماليًا محسنون لبنانيون في الوطن و في الخارج. وأُثني بالتقدير على الشبان والشابات الذين تطوّعوا لمساعدة السكّان المنكوبين، وتنظيف الشوارع، وتوزيع الحصص الغذائية. كافأهم الله جميعًا بفيضٍ من نعمه وبركاته”.
وتابع: “شعب لبنان يمرّ في محنةٍ قاسية، بدأت سياسية فاقتصادية ومالية ومعيشية، وتفاقمت مع انتشار وباء كورونا، ثمّ بلغت ذروتَها بانفجار مرفأ بيروت. وعبّر الشعب عن وجعه بثورةٍ محقّة نحن باركناها منذ 17 تشرين الاوّل الماضي. ولكنّنا أدنّا تسلّل المخرّبين في صفوفها، وأسفنا كلَّ الأسف لتصادمها مع الجيش والقوى الأمنية حتى أنَّ هذه استعملَت سلاحًا مؤذيًا وجارحًا لأجساد المتظاهرين، خلافًا لكلّ قانون وعرف دوليين”، داعياً “القوى الأمنيّة الى احتضان وحماية شابات وشباب لبنان الثائرين. فلا أمن بدون حرية. ولا سلطان بدون شعب. حين يثور شعبٌ لا يعود الى بيوته بعد تسوية بل بعد حلّ. وكل مشروع تسوية على حساب لبنان مرفوض وسنواجهه. وهذا ما فعلَت البطريركية في كلّ مرة كان لبنان في خطر. ولبنان اليوم يواجه أعظم الأخطار. ولن نسمح بأن يكون ورقة تسوية بين دول تريد ترميم العلاقات فيما بينها، على حساب آلام الشعب اللبناني”، مهيباً بـ”السلطة السياسية بأن تفسح في المجال أمام الطاقات اللبنانية القديرة والوطنية الجديدة والنزيهة لكي تشارك في استعادة لبنان شرعيّته الوطنية وثقة العالم به. كيف يمكن إعطاء الثقة لأي حكومة لا تتبنّى الخيارات الوطنية، أو توفير تغطية لمشاركة هذا الفريق أو ذاك خارج الثوابت الوطنية؟”.
وتساءل: “هل يدرك المسؤولون السياسيون والكتل النيابية والأحزاب خطورة حجب الثقة الدولية عنهم، سلطةً تشريعية وإجرائية وإدارية وعدلية، ووجوب البدء فورًا بالتغيير، مسرعين إلى إجراء انتخابات نيابية مبكّرة، من دون التلهّي بسنّ قانون جديد، وإلى تأليف الحكومة الجديدة، كما يريدها الشعب، الذي هو “مصدر السلطات” (مقدّمة الدستور)، ويحتاجها واقع لبنان اليوم”، مؤكداً أنّ “الشعب يريد حكومةً تَنقُض ولا تُكمِل. تنقض الماضي بفساده الوطني والأخلاقي والمادي، تنقض الأداء والسلوك والذهنية. الشعب يريد حكومة إنقاذ لبنان لا إنقاذ السلطة والطبقة السياسية. الشعب يريد حكومةً منسجمة معه لا مع الخارج، وملتقية في ما بين مكوّناتها حول مشروع إصلاحي. والإصلاح الذي نفهمه ليس إصلاحًا إداريًّا فقط، بل إصلاح القرار الوطني بأبعاده السياسية والأمنية والعسكرية. الشعب يريد أن يكون التمسّك بالثوابت والمبادئ الوطنية، والإقرار بسلطة الشرعية دون سواها، كأساس المشاركة في الحكومة. وليعلم الجميع أن لا حكومة وحدة وطنية من دون وحدة فعلية؛ ولا حكومة إنقاذ من دون شخصيات منقذة. ولا حكومة توافق من دون اتفاق على الإصلاحات. إنّنا نريد مع الشعب حكومةً للدولة اللبنانية، وللشعب اللبناني، لا حكومة للأحزاب والطوائف والدول الأجنبية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى