ثقافة وفنون

ما صحة نظرية تفوق بيولوجيا المرأة على الرجل؟

 بقلم سامي خليفة

وفقًا للنظرية الشائعة، فإن الرجال يعيشون حياة أقصر من النساء لأنهم يتعرضون لمخاطر أكبر، لكن السبب الحقيقي قد يكون أقل ارتباطًا بسلوك الإنسان وأكثر ارتباطًا بنوع الكروموسومات الجنسية التي نتشاركها مع معظم الأنواع الحيوانية.

تعيش النساء بنسبة تقرب من خمسة في المئة أكثر من الرجال. وهناك العديد من الآليات المحتملة لهذا الأمر ـ بدايةً من مجاميع المادة الوراثية، والتي تُعرف باسم الصبغيات (أو الكروموسومات)، الموجودة ضمن كل خلية. توجد تلك الكروموسومات في شكل أزواج، وللإناث زوجان من الكروموسومات “إكس”، وللذكور كروموسوم “إكس” و “واي”.

وفي هذا الصدد، يقدم شارون معلم، الطبيب الكندي والباحث في علم الوراثة، في كتابه “النصف الأفضل: حول التفوق الجيني للنساء” The Better Half: On the Genetic Superiority of Women  ( مكون من 288 صفحة، منشورات ألين لاين، 20 يورو )، انطلاقًا من المعطيات العلمية الآنفة الذكر، حجة عامة حول تفوق بيولوجيا المرأة على الرجال عارضًا بعض الأدلة البارزة.

كروموسومات المرأة

يشير معلم أنه بامتلاك كروموسومين من نوع “إكس”، فإن الإناث يمتلكن نسخًا مزدوجة من كل جين، أي أن لديهن احتياطيًا في حال اختلال عمل أحدها. أما الذكور فليس لديهم ذلك الاحتياطي. والنتيجة هي أن عمل العديد من الخلايا قد يصيبه الاختلال عبر الزمن، ما يجعل الذكور معرضين بشكل أكبر لمخاطر الإصابة بالأمراض.

لَحَظ العلماء أن الأجهزة المناعية للرجال والنساء تستجيب على نحو مختلف تمامًا للإصابة بالعدوى. ومن الممكن أن تكون النساء قد طورن استجابة مناعية قوية وسريعة بشكل خاص؛ ليتمكَّنَّ من حماية الأجنة والأطفال حديثي الولادة.

يقوّي هرمون الأستروجين لدى النساء جهاز المناعة، أما الرجال فيعانون من ضعف نتيجة عدم توافر هذا الهرمون لديهم. وقد تبيّن أنّ كميّة بسيطة من الأستروجين كفيلة بحماية الفئران من الذكور والإناث من الالتهاب الرئوي البكتيري. وقد أظهرت إناث الفئران مناعة وقدرة على مقاومة الالتهاب المرتبطة بأنزيم (NOS3) الذي يتحرّك عن إفراز هرمون الأستروجين.

السر في كروموسوم إكس

الاختلافات البيولوجية الواضحة بين الجنسين عادةً ما تتلخص في الهرمونات أو الكروموسومات أو مزيج من الاثنين معًا، ولكن في حين تم استكشاف دور هرمون التستوستيرون والأستروجين والبروجستيرون في المناعة الذاتية بشكل جيد، إلا أن الجزء الذي تلعبه كروموسومات “إكس” و “واي” ما زال غامضًا.

يقول معلم في كتابه أنه يجب الأخذ في الاعتبار أن كروموسومات “إكس”  تحمل العديد من الجينات المرتبطة بالجهاز المناعي، وأن للإناث اثنين منهم: واحد من الأم والآخر من الأب، وفي المقارنة فلدى الذكور كروموسوم “إكس” واحد فقط من الأم.

النجاح البيولوجي للمرأة

تشير الإحصائيات التي تعود إلى عام 1662 إلى أن النساء يعشن أطول من الرجال، وتظهر الأرقام اليوم أن 95 في المئة من الأشخاص الذين بلغوا سن 110 وما فوق هم من الإناث.

وبالنظر إلى هذه الأرقام، يقول معلم  أن العلوم الطبية تجاهلت هذا التفوق إلى حد كبير. ويجادل بأن الطب يحتاج إلى التوقف عن تجاهل أسرار النجاحات البيولوجية للمرأة، وإيجاد طرق لتسخير هذا النجاح البيولوجي لتحسين فرص البقاء للجنس البشري بأكمله.

يشرح كتاب “النصف الأفضل” لماذا تم تجاهل المزايا التي ترافق الخيارات الجينية الأكبر للإناث حتى الآن إلى حد كبير، ويتحدث عن “العمى النموذجي”، وحقيقة أن علماء الوراثة نادرًا ما يخرجون في الميدان ليلاحظوا أن معدل الفتيات اللواتي بيقين في وحدات العناية المركزة للأطفال هو أقل بكثير من المعدل عند الفتيان.

هفوات علمية

رغم النظريات العلمية المهمة التي يقدمها الكتاب، إلا أنه يحوي بعض الهفوات العلمية. ففي معرض حديثه عن مرض التوحد، يلمح الطبيب الكندي إلى أن هذا المرض أكثر شيوعًا عند الفتيان من الفتيات، وهذا بنظر العلم افتراض غير دقيق. كما أن اقتراحه بأن لدى الإناث “نوعًا” مختلفًا من التوحد لم يُثبت علميًا حتى الآن.

يركز أحد أقسام الكتاب على الفروق بين صحة النساء والرجال، ويأخذ في الاعتبار إخفاق شركات الأدوية في اختبار منتجاتها على الإناث والذكور. إلاّ أنه يتجاهل مع ذلك دور كتلة الجسم وحجم الدم بكونهما عاملان أساسيان في حساب معدلات الجرعات، نظرًا لأن الأشخاص يختلفون بشكل كبير في الحجم والشكل، بالتالي فإن تقسيم المشاركين في الاختبار إلى ذكور وإناث لا يزال عرضة لخطر عدم الدقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى