أخبار لبنان
هل سمع القضاء بفضائح جان العلية ..؟
لعلها من المرات النادرة أن يتجرأ فيها موظف في الدولة العلية على وزير ذات نفوذ، وينتمي إلى كتلة نيابية كبيرة، تُعتبر خط الدفاع الأول عن العهد ورئيسه! ما كشفه مدير عام إدارة المناقصات جان العلية في مؤتمره الصحفي أمس، عن الملابسات المحيطة بمناقصة بواخر الكهرباء، يشكل نموذجاً صارخاً لحالات الفساد المعشعشة في الوزارات والإدارات العامة، وخاصة في وزارة الطاقة والمياه.
الواقع أن المستندات التي أعلنها العلية هي بالمقاييس الإدارية والإصلاحية فضائح مجلجلة، تستحق إحالتها إلى المراجع القضائية، لإجراء المقتضى بحق كل من تثبت إدانته بالتلاعب بأصول المناقصات، والتسبب بهدر ونهب المال العام، والإمعان في إلحاق الأضرار الفادحة، ليس فقط بالدولة وخزينتها المرهقة بالسرقات والسمسرات، بل وأيضاً تحميل الأكثرية الساحقة من اللبنانيين المزيد من الأعباء نتيجة إستمرار غياب الكهرباء، وإضطرارهم لدفع فاتورتين لتأمين التيار الكهربائي في منازلهم ومؤسساتهم ومصانعهم.
الحصانة النيابية لا تحمي وزير الطاقة السابق والنائب الحالي سيزار أبي خليل، في مواجهة التهم التي ساقها مدير عام المناقصات ضده، وفي مقدمتها وضع دفاتر شروط لمناقصات بمئات الملايين من الدولارات، بطريقة مُلتبسة، وكأنها مُفصلة على مقاس شركة معينة واحدة فقط، وتضع بقية الشركات خارج إطار المشاركة!
شعار « ما خلونا نشتغل» تحول إلى شمّاعة لتغطية الممارسات المريبة في قطاع الكهرباء بالذات، حيث بقيت حقيبة الطاقة مع وزراء التيار الوطني الحر، أكثر من عشر سنوات تراجعت خلالها ساعات التغذية بالتيار الكهربائي إلى الحد الأدنى، وإستحوذت على حوالي ٤٠ مليار دولار، أي ما يشكل نصف المديونية العامة، دون أن يتم تنفيذ مشاريع محطات التوليد الجديدة، بل وحتى دون إنجاز عمليات الصيانة والترميم لمعدات ومولدات المحطات العاملة.
جان العلية جسّد بجرأته أمس نموذج الموظف المسؤول، الشجاع وصاحب الضمير الحر، والحريص بأمانة فائقة على المال العام، ومصالح الدولة العليا.
فهل سمع القضاء كلام جان العلية، ويلاقية في منتصف الطريق، ويحقق في المستندات والفضائح التي كشفها على العلن..؟