منوّعات

أطفال اليوم ربما لن يكونوا شعلة المستقبل …. المعايير لم تعد متوافرة للجميع

كتب مازن مجوز

دخول المدارس إقترب، والأصعب من متطلباته هو إختيار أي مدرسة هي الأنسب لولدنا (أو لأولادنا ) ما يدخل الأهل، في نفق المعايير التي تميز مدرسة عن أخرى، وعادة فإن المفاضلة بين هذه المعايير يكون بين مدرسة خاصة وأخرى وليس بين مدرسة خاصة وأخرى رسمية.

 وترى الأستاذة المربية رندى ذ.( 60 عاما ) أن الأب والأم هما الأساس لأن الولد لا قدرة لديه  في إختيار الاتجاه الافضل، ومنذ بداية مرحلة التعليم للولد، إما أن تعيش الأسرة سعيدة وإما مقهورة ، والسبب يعود إلى مسألة حسن الإختيار بما يتوافق مع معايير الطالب والأهل والمدرسة، فمثلاً الإمكانيات المادية تختلف بين عائلة وأخرى، والإمكانيات الذهنية تختلف كذلك بين ولد وآخر، لافتةً إلى أن هذه المحاور تفرضُ على الأب والأم الإتفاق على حسم ميزانيتهم ثم الوقوف عند قدرات إبنهم أو إبنتهم التعليمية، لكن اليوم ما زاد الطين بلّة على الأهل في مسألة الإختيار، هي تداعيات الأزمة المالية والإقتصادية والمعيشية التي ترغم الكثير منهم على خيارات لا يحبذونها وربما لم يفكروا من قبل .

وفي هذا السياق تعلق الإخصائية في علم النفس العيادي الدكتورة إيمان رزق في حديث ل” هنا لبنان “: ” إختيار المدرسة عامل مهم ومحوري بالنسبة للأهل، لأنهم يحبون أن يروا أولادهم مميزين في المجتمع . الكثير من المدارس اللبنانية تحتاج إلى تطوير مناهجها، خصوصاً الرسمية منها التي تعاني كي تبقى على قيد الحياة، وعلى الرغم من أن معظم كوادرها التعليمية من الأكفاء، إلا ان الناس لا تؤمن بإمكاناتها وبأساتذتها، فنراهم يسجلون أولادهم في المدارس الخاصة “.

وفي حمأة الأقساط الملتهبة على وقع الإرتفاع غبر المسبوق لسعر الدولار في السوق السوداء والواجب على الأهل دفع جزء منها بالدولار الأميركي والقسم الآخر بالليرة اللبنانية، والبلبلة الحاصلة في هذا الصدد بين وزارة التربية وممثلي المدارس الخاصة، نشهد ظاهرة “الهجرة المدرسية  ” ليس فقط من المدارس الرسمية بل ايضاً من مدارس خاصة إلى مدارس أخرى خاصة. والسؤال الأبرز أين تكمن المصداقية والشفافية في فرض هذا الرقم من الأقساط في هذه المدرسة وتلك وثالثة ورابعة ؟ ومن سيضمن للأهل إلتزام المدارس بعدد أيام الدراسة المقررة أسبوعياً ؟ أسئلة كثيرة تطرح ربما لن نجد أجوبة لها… لكن الأكيد هو أن أولادنا في المدارس ستكون الضحية أولاً ومن ثم الأهالي…

وتوضح رزق أن المدارس في ألمانيا على سبيل المثال أدخلت ساعة عن السعادة في مناهجها  التعليمية، بهدف التركيز على بناء الإنسان الذي تعتبره أهم عنصر بناء الإنسان وتنشئته للحوار والتفاعل في بيئته الضيقة المدرسة والمنزل، وكمواطن صالح في تفكيره ووعيه وتعامله مع الآخرين.

أما في لبنان فتشرح رزق بأن بعض المدارس الخاصة والرسمية تركز على نتائج الطلاب من دون التركيز على مجهوده وسلوكياته وأسلوب تفكيره وتعامله مع الآخرين داخل المدرسة وفي المجتمع، فيما بعض المدارس الخاصة ذات السمعة الجيدة في بيروت وجبل لبنان مثلاً تركز على تعليمه وإكسابه التعاطف وعلى الحوار البناء، وتربيته على القيم وتعزيزها التي هي أساس التنمية والنجاح الثابت، بالإضافة إلى الإرتقاء بمستوى الأخلاق والمواطنة في سبيل تحسين سلوكياته، ومن بينها تلك القائمة على حب الخير والمحبة والإحساس بالمسؤولية، كل هذا ” يتشربه ” الولد في المدرسة أولاً وفي المنزل ثانياً،  وفق رزق.  

ويبدو أن وقع الأقساط الباهظة اليوم بدأ يأخذ الأهالي في إتجاه يترك الغصة والمرارة في قلوبهم، إذ تكشف رزق عن أن الكثير من الأهالي بدأوا يصابون بأزمات وإضطرابات نفسية، والكثير من هذه الحالات لا يتم تظهيرها إلى العلن ” لأنهم غير قادرين على تأمين مستوى معين يطمحون إليه لأولادهم،  والبعض أصرّ على تسجيل أولاده في المدرسة الخاصة، بعد أن لجأ إلى بيع جزء من ممتلكاته كمصاغ زوجته، أو بعض الأثاث من منزله،  أو عقارا يملكه”.

وفي الختام مما لاشك فيه أن هذه المبادىء غائبة في المدارس الرسمية ومتوافرة في بعض المدارس الخاصة في لبنان، وهي تتطلب طبعاً المثابرة عليها من قبل المدرسة والأولاد، وصولاً إلى تخرجه كطالب يحمل مشروع إسم ناجح في الحياة، ليبقى السؤال ألم يحن الوقت لإعادة النظر بالكثير من المعايير والمناهج التربوية في المدارس الرسمية والخاصة على السواء ؟ أوليست بعض الكتب التي يتعلم بها أولادنا لا تزال هي هي منذ عشرات السنين ؟ …

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى