السباق الانتخابي الكندي يشتعل: كارني يتقدّم وبوالييفر يراهن على المفاجآت قبل المناظرات الحاسمة

بالرغم من تقلّص الفارق الطفيف في نوايا التصويت، لا يزال الحزب الليبرالي بقيادة مارك كارني يتقدّم بشكل مريح على المحافظين برئاسة بيار بوالييفر، وذلك قبل ساعات فقط من انطلاق المناظرات الفيدرالية الحاسمة، في سباق انتخابي بات مفتوحًا على كل الاحتمالات.
فارق يتقلّص… ولكن الصدارة مستمرّة
وفقًا لاستطلاع جديد أجرته مؤسسة “ليجيه” لصالح لو جورنال دو مونتريال، قناة TVA وناشونال بوست، تقلّص الفارق بين الليبراليين والمحافظين إلى خمس نقاط فقط على الصعيد الوطني، بعد أن كان يبلغ سبع نقاط قبل أسبوعين.
مناظرات حاسمة… ورهانات كبيرة
يحذر خبير الاستطلاعات جان-مارك ليجيه من عاملين رئيسيين قد يعيدان خلط الأوراق: أداء المرشحين في المناظرتين المنتظرتين – الفرنسية والإنكليزية – والتأثير المحتمل للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على مزاج الناخب الكندي، خصوصًا في مقاطعة كيبيك.
فيما التوقعات متواضعة بالنسبة لأداء كارني في المناظرة الفرنسية، خاصة بعد تقديم موعدها إلى السادسة مساءً لتفادي تعارضها مع مباراة لنادي مونتريال كنديينز، يرى البعض أن سقف التوقعات المنخفض قد يصب في مصلحته إذا قدّم أداءً مقبولاً.
حتى اللحظة، لم تُسجّل اللغة الفرنسية غير المتقنة لكارني تأثيرًا سلبيًا كبيرًا على شعبيته، إذ لا يزال الليبراليون يحظون بـ40% من نوايا التصويت في كيبيك، ما يمنحهم فرصة لتحقيق مكاسب حاسمة قد تفصل بين حكومة أكثرية أو أقلية.
ضغوط على بوالييفر… ومفاجآت ممكنة
في المقابل، يواجه بوالييفر تحديات معقدة. المفارقة أنه قد يجد نفسه يعوّل على زعيم الكتلة الكيبيكية، إيف-فرانسوا بلانشيه، الذي خسر جزءًا من أنصاره لصالح كارني. فضعف الكتلة يصعّب على المحافظين خرق الدوائر المتنافس عليها في كيبيك.
أما المناظرة باللغة الإنكليزية، فتمثل التحدي الأكبر أمام كارني، حيث التوقعات مرتفعة في باقي المقاطعات. حتى الآن، لم يُظهر كارني أداءً استثنائيًا لا بالفرنسية ولا بالإنكليزية منذ بداية حملته على زعامة الحزب الليبرالي.
بدوره، يراهن بوالييفر سرًا على تراجع زعيم الحزب الديمقراطي الجديد، جاغميت سينغ، الذي يفقد دعمًا شعبيًا واسعًا، ما قد يعقّد فكرة تحالف معارض يعرقل طريق المحافظين.
الناخبون حسموا… إلى حد بعيد
رغم أهمية المناظرات، لا يجب المبالغة في تأثيرها. فبحسب الاستطلاع نفسه، 17% فقط من الناخبين الكنديين يقولون إن أداء المرشحين في المناظرات قد يؤثر على خيارهم، بينما 70% حسموا قرارهم سلفًا.
ومع انطلاق التصويت المبكر يوم الجمعة، بات الوقت ضيقًا أمام الأحزاب لتعديل مسار المعركة الانتخابية.
ما وراء الأرقام… الناخب يبحث عن الهدوء
بعيدًا عن لغة الأرقام والتكتيكات، يبدو أن كلمة الحسم لن تُقال فقط على منصّات المناظرات، بل في أعماق النفس الكندية المنهكة من سنوات من الاستقطاب الحاد، والتي باتت تبحث عن خطاب عقلاني يبعث على الاطمئنان أكثر من مجرد وعود سياسية.
مارك كارني يدخل هذه المرحلة محاطًا بالشكوك، لكنه يستفيد من زخم الحزب ومكاسب كيبيك. أما بوالييفر، فهو يواجه ضغط المعارضة والغضب الشعبي، ويحتاج إلى ما هو أكثر من مجرد نقد حاد ليقنع الناخبين بمنحهم ثقته.
وفي خلفية هذا المشهد، لا يزال شبح دونالد ترامب يلوّح كرمز للفوضى السياسية الحديثة، التي قد تمتد إلينا إذا أضعنا البوصلة.
السباق يحتدم، والوقت ينفد، والمفاجآت لا تزال ممكنة.