احتجاجات أهالي الرهائن الإسرائيليين والاحتمالات المتوقعة بشأن مصيرهم
تقول إسرائيل إن 137 رهينة ما زالوا محتجزين في قطاع غزة بعد أن أفرجت حماس عن 110 منهم ضمن صفقات التبادل التي أنجزت آخرها يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
منذ ذلك اليوم استؤنف القتال بين حماس وإسرائيل، ولم ينجح الوسطاء في التوصل إلى اتفاق للإفراج عن مزيد من المحتجزين لدى حماس والسجناء الفلسطينيين في إسرائيل.
وفي آخر تصريح لقادة حماس عن شروط الإفراج عن بقية الرهائن الإسرائيليين، جددوا رفضهم لأن يكون ذلك في سياق وقف مؤقت جديد لإطلاق النار.
وتشترط الحركة وقف الحرب بشكل نهائي وإطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين، وتقول إنها غير مستعدة للدخول في أي مفاوضات إلا إذا وافقت إسرائيل على هذه الشروط.
في هذه الأثناء، قام الجيش الإسرائيلي ببعض المحاولات لتحرير رهائن، وفي إحدى المحاولات قتل ثلاثة منهم عن طريق الخطأ، حين أطلق جنود إسرائيليون النار عليهم بعد أن اعتقدوا أنهم يشكلون “تهديدا”، وأنهم ليسوا من الرهائن. وقد عبر الجيش عن أسفه لهذا الحادث الذي وقع أثناء عملية في مخيم الشجاعية بقطاع غزة.
وترفض إسرائيل شروط حماس، ويصر وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، على أن ذلك سوف يتم من خلال ضغوط عسكرية على الحركة، وليس بشروطها.
احتجاجات عائلات الرهائن
وتطالب عائلات الرهائن الحكومة الإسرائيلية بإتمام صفقة مع حماس للإفراج عنهم، حتى ولو تطلب ذلك وقف الحرب، وهو ما ترفضه الحكومة الإسرائيلية.
وعقد ممثلون عن عائلات الرهائن اجتماعات مع نتنياهو لمناقشة مصير أفراد عائلاتهم، لكنهم كانوا دائما يخرجون من تلك الاجتماعات من دون وعد يطمئنهم على قرب الإفراج عن أفراد عائلاتهم.
وهذا أدى إلى تكثيف عائلات الرهائن والمتعاطفين معهم من الإسرائيليين احتجاجاتهم، في محاولة للضغط على الحكومة، دون نتيجة تذكر حتى الآن.
وتظاهر أفراد العائلات والمتعاطفون معهم أمام مقرات حكومية وكذلك أمام منزل نتنياهو، كما نظموا مسيرة إلى القدس شارك بها الآلاف.
ويتظاهر أهالي وأقارب الرهائن أسبوعياً للمطالبة بتحرير أبنائهم من غزة.
وتوجهوا في 15 يناير/كانون الثاني الحالي إلى سياج غزة، ووجهوا رسائل إلى أحبائهم عبر مكبرات الصوت.
وداهمت مجموعة من أقارب الرهائن جلسة لإحدى اللجان البرلمانية الإسرائيلية في القدس الإثنين مطالبة النواب بفعل المزيد من أجل إطلاق سراح أقاربهم.
وتعكس هذه الخطوة، التي شارك فيها نحو 20 شخصا، معارضة متزايدة لأسلوب تعامل الحكومة مع هذا الملف.
ورفعت امرأة صورا لثلاثة من أفراد عائلتها المخطوفين وصرخت قائلة “أريد واحدا منهم حيا، واحدا من ثلاثة”.
وارتدى أشخاص آخرون من المشاركين في الحراك قمصانا سوداء، كتبوا عليها عبارة “لن تجلسوا هنا بينما هم يموتون هناك”، في إشارة إلى الرهائن.
ورددوا شعارات تقول “أطلقوا سراحهم الآن”.
وفي هذه الأثناء تمارس حماس ضغوطا معنوية على الحكومة الإسرائيلية عبر عائلات الرهائن ببثها لقطات لبعضهم تقول إنهم قتلوا في غارات إسرائيلية، أو إظهار أفراد منهم يطالبون حكومتهم بإتمام صفقة للإفراج عنهم قبل فوات الأوان، وقد أعلنت في 15 يناير/ كانون الثاني، عن مقتل اثنين من الرهائن الإسرائيليين لديها في غزة، وهما يوسي شرعبي، وإيتاي سفيرسكي.
وكان بعص الرهائن الذين أفرج عنهم في صفقات سابقة قد تحدثوا عن الرعب الذي كانوا يحسون به من أصوات القصف الإسرائيلي، وخشيتهم من أن يقتلوا بقنابل أو رصاص الجيش اثناء العمليات العسكرية.
إصرار نتنياهو
ويكرر نتنياهو بين الفترة والأخرى، أن العملية العسكرية في غزة ستتواصل بعد حصوله على ما سماه “تفويضا شعبيا”. ولم تؤثر احتجاجات أهالي الرهائن والمتضامنين معهم حتى الآن على موقفه، فهو يشدد دائما على مواصلة الحرب “حتى تحقيق كامل أهدافها، وتفكيك حماس، وإعادة جميع المختطفين، وجعل غزة مكانا لن يعود ليشكل تهديدا لإسرائيل”، حسب تعبيره.
وبين وقت وآخر، تتسرب أخبار عن محادثات تجري خلف الكواليس للوساطة. ونقلت هيئة الإذاعة الإسرائيلية قبل بضعة أسابيع عن مصادر حكومية وصفتها بالمطلعة بأن صفقة تبادل تمضي على قدم وساق وحذرت من أن “المفاوضات لإبرام صفقة إنسانية أخرى ستكون طويلة وشاقة”.
وعلى الرغم من اللهجة الواثقة لتصريحات نتنياهو التي تعطي انطباعا بأنه يدلي بها من موقع قوة وثقة؛ إلا أنه بين خيارين صعبين، فهو يسعى للتخلص من ضغط أهالي الرهائن، والحد من احتقان الشارع الإسرائيلي وسط جدل وخلاف حول جدوى حرب لم تحرر الرهائن ولم تقض على حماس.
كما أن الضغوط الخارجية عليه تتوالى من العواصم الغربية الداعمة لإسرائيل بشكل يومي بسبب الأضرار الإنسانية التي تسبب فيها القصف الإسرائيلي عبر مناطق القطاع واستمرار معاناة الفلسطينيين على نحو غير مسبوق.
وكانت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، عبرت عن قلق بلادها “البالغ” إزاء الوضع في قطاع غزة، مطالبة بـ “هدنة جديدة فورية ومستدامة” في الحرب بين إسرائيل وحماس، وذلك خلال زيارتها إلى إسرائيل.
كما أكد كل من وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، ونظيرته الألمانية، أنالينا بيربوك، على “الحاجة العاجلة” لتحقيق “وقف دائم لإطلاق النار” في غزة.
وكرر نتنياهو رفض شروط حماس لإطلاق الرهائن، والمتمثلة بوقف الحرب والإفراج عن السجناء الفلسطينيين والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة
ماذا يعني موضوع الرهائن لمختلف الأطراف؟
بالنسبة لنتنياهو وحكومته، الذين حاولوا تصوير صفقات تبادل سابقة على أنها انتصار، في ظل غياب انتصار واضح يتمثل في تحقيق الهدف المعلن للحرب وهو القضاء على حماس، سيبدو التجاوب مع مطالب عائلات المختطفين بإبرام صفقة مع حماس لعودتهم حتى ولو كان الثمن إيقاف الحرب، هزيمة له.
في المقابل، يخشى أهالي المخطوفين من أن مرور الوقت دون إبرام صفقة قد يقضي على أي أمل بعودة أفراد عائلاتهم أحياء.
أما حماس فهي ترغب بتقديم إنجازات ما للشارع الفلسطيني من وراء الحرب التي تسببت بأعداد كبيرة من القتلى والجرحى في قطاع غزة، ودمار هائل في المباني ومعاناة تفوق الوصف لسكان القطاع.
في هذه الأثناء، تستمر الحرب، والمعاناة اليومية لسكان قطاع غزة الذي شردت غالبيتهم عن منازلهم وأصبحوا يعيشون في ظروف مأساوية بعيدا عن منازلهم التي دمر معظمها، فضلا عن الأعداد المتزايدة للقتلى والجرحى بينهم.
وعلى الجانب الإسرائيلي، يعيش الكثير من سكان غلاف غزة في مدن وبلدات بعيدة بانتظار نهاية الحرب وإمكانية عودتهم إلى بيوتهم.
وفي وقت ينتظر كل طرف من هذه الأطراف تحقيق هدف ما، تستمر الحرب ومعها تستمر معاناة الناس اليومية.