من لبنان الى كندا كريم حوراني يعيد الحياة الى الالات الوترية
عشقه للنغمات وعالم الأصوات الآسر المرصّع بالهزج حمله للبحث عن أصول مهنة عتيقة عتق الزمن، جديدة ونادرة كمثل حبيبات المرجان، والإنتقال من لبنان إلى كندا وتحديدًا إلى مقاطعة فانكوفر، مع شريكة العمر العازفة المحترفة، حيث أنامل استاذه البارع في إعادة الحياة إلى آلات موسيقية وتريّة استطاعت أن تؤسس لعزمه ومثابراته هو الشاب الطموح الباحث عن ترجمة واضحة لأحلامه المجنونة.
هو كريم حوراني، الكريم جدًا في العطاء والمثابرة، وهي آلات موسيقية وتريّة ناطقة أبدًا بالجمال وأناقة الألحان التقيا معًا في صدفة مدروسة قواعدها، ليبدأ بعدها جدل عشق من نوع جديد بدايته امتهان حرفة فريدة من نوعها تقوم على ترميم الآلات الموسيقية وصناعتها على يد كبار الصّناع والمهندسين الموسيقيين في العالم، ونهايته صوت رخيم لآلة أفرحتها أنامل محبة للفن البديع بالعودة السالمة إلى العطاء والإحساس الجميل.
كريم حوراني الشاب اليافع اللبناني الأصل، المقيم في كندا والمعروف بأسلوبه الرقيق، إلتقته “الكلمة نيوز” في حوار شائق حول مهنته الملفتة للنظر والسمع بدأه بالحديث عن حلمه الذي لأجله غاص في عالم الأبحاث والتنقيب عمّن يدرّس مهنة ترميم وصناعة الآلات الموسقية حيث قال: “بداية، وجدت فرصتي في إيطاليا، لكن سرعان ما تبدّدت آمالي لأن الإختصاص “الحلم” كما أحب تسميته يتطلب منّي العودة إلى مقاعد الجامعة لأربع سنوات جديدة قبل اكتساب الخبرة والعمل، ما دفعني لإعادة النظر في أبحاثي والتي أوصلتني لمراسلة “أستاذي” اليوم، وهو هنغاري الاصل مقيم في كندا، والذي وافق على تدريبي على أصول المهنة هو المتخصص الماهر في فنون وأصول ترميم وصناعة الآلات الوتريّة وإن بدا غير لطيف معي في البداية إطلاقًا”.
وأضاف يقول: “من هنا قررت وزوجتي ترك مكان إقامتنا في قطر والهجرة الى فانكوفر في كندا بحثًا عن أحلامنا، وفيها بدأت رحلة جديدة في التعرّف على مهنة لطالما اعتدت القراءة عنها في كتب الغرب، وفهمت مدى عصيّتها على غير أجيال حرفيّيها، وبدأت التعمّق في أسرار وجماليّة فنونها الإبداعية، إلى أن استطعت وبعد خمس سنوات متواصلة من الجهد والإجتهاد ناهيك عن الكلفة المالية الباهظة للدراسة والتدريب إنهاء دروسي التطبيقية الخاصة في مشغل أستاذي العالمي لأبدأ في العام 2018 رحلتي الخاصة والجديدة في عالم التصنيع والترميم وإن كنت أتابع بين الحين والآخر بعض الدروس الإضافية”.
وحول ما إذا كان يحتاج بالفعل إلى دروس إضافية أخرى أجاب حوراني: “في الحقيقة، حصلت على فرصة للدراسة في إيطاليا، لكن استاذي رفض الموضوع كوني حصّلت المعلومات الكافية والتدريب المطلوب في مهنة ترميم وتصنيع الآلات الوتريّة (كمنجا، CELLO، VIOLON وCONTREBASSE و….) إضافة إلى الغيتار الكلاسيكي وبالتالي فان دراستي كافية وشاملة ومتمكنة، وأنا ممتن له ولجهده هو المعروف عنه من أهم وأفضل 10 صنّاع آلات في العالم اليوم، لكن حاجة الفنان إلى تطوير نفسه هي التي تدفعني أحيانا إلى متابعة مثل تلك الدروس”.
وعن طبيعة عمله أجاب: “جمال مهنتي بندرتها ورقّة التعامل مع أصول فنّها، فمهمّتي تتلخّص بإعادة الحياة لآلات موسيقية إمّا قديمة ومتآكلة وإمّا تعرّضت لحادث منعها من إصدار ألحانها، وذلك بترميمها وإصلاحها باستعمال مواد طبيعية بعيدًا عن أي من المواد الكيماوية الصناعية، كما باستعمال الطلاء المطبوخ عضويًا في محترفنا ما يؤهلها للتغريد من جديد ولإعادة التصليح أو الترميم في المستقبل إن هي احتاجت ذلك، وهو ما يؤهل آلاتنا إلى تصدّر اهتمامات عشّاق الموسيقى والعزف”.
وأضاف: “ويندرج عملي التصنيعي في شقين إمّا بشراء المخطّط التصميمي الذي بموجبه أنفّذ قطعًا معينة، وإمّا بوضعي لمخططي الخاص الذي أنفّذه وفق رؤيتي الجماليّة للآلة التي أطمح إلى تنفيذها، وفي الحالتين عمل متكامل يقصدني عليه من يهوى اقتناء آلة متينة وحساسة”.
طبيب الآلات المتخصّص بترميم أطرافها وإعادة أوتارها إلى الحياة، أهلّته موهبته للحصول على منحة من الحكومة الكندية على مشروع تقّدم به إلى الجمعية الكندية للفنون والمتعلق بتصميمه لمجموعة آلات موسيقية مصنوعة من الخشب الطبيعي والذي لأجل إطلاقه فنّا حيًّا تمّ التعاون مع الفنان العالمي الفلسطيني الأصل أحمد الخطيب الذي سيلعب على الآلات في حدث هو الأول من نوعه عالميًا.
سألنا الفنان الشاب عن حلمه المستقبلي أجابنا ودون تردّد: “العودة إلى الديار، فأنا وحيد أهلي وهم بحاجة ماسة لوجودي إلى جانبهم وهناك أطمح الى تأسيس محترف خاص بهذه المهنة الخلاّبة وتعليم أصول احترافها للأجيال الصاعدة”.
وأضاف: “في لبنان مهنة تصنيع العود هي الرائجة في مجتمعاتنا الضيّقة وإن كانت اليوم على طريق الإندثار كونها تنتمي إلى الموروثات المناطقية، وفي هذا الإطار جلّ ما أتمنّاه أن تصبح هذه المهنة على طريق الإحتراف الحق لتصبح في الشرق مقرونة بالشهادات والمهنيّة على غرار بلاد الغرب الذي يعطي أهمية خاصة لمثل هذه المحترفات”.
وفي الختام يطمح حوراني إلى المشاركات العالمية هو الذي شارك بمعارض خاصة بآلة الكمنجا في بريتش كولومبيا وآخر دولي ضم العديد من الصنّاع العالميين، فالعالمية طريق يحتاج الإندفاع والتخطيط والمثابرة وهي عوامل من أساس نجاح حوراني الذي نتمنّى له كل النجاح في مسيرته الفنية المعطاء.