ثقافة وفنون

وديع الصافي..ذكرى حنجرة ذهبية صنعت الأغنية اللبنانية (ج2)

زياد سامي عيتاني – إعلامي وباحث في التراث الشعبي.

صاحب 23 مقاماً:

إمتلك وديع الصافي 23 مقاماً صوتيا فكان أقوى المقامات في الأصوات العربية. فقد غنّى وديع الصافي بمقدرة فائقة، مستنداً إلى صوتٍ فائقِ القوة والصفاء، قادر على بلوغ مقامات “السوبرانو” العالية ونقيضها مقامات القرار في أسفل السلم الموسيقي، والتنقل بينهما في يسرٍ فريد.

وقد روي عن الموسيقار الراحل وليد غلمية، وكان يقود الأوركسترا عندما قدّم وديع الصافي مغناة “نهر الوفا” مع نجاح سلام، وكان أحد أفراد الأوركسترا عازف كمان نمساوي، أن ذلك العازف في مقطع ما، توقف عن العزف لحظات طويلة. وبعد انتهاء العرض استفسر منه وليد غلمية عن سبب التوقف، فقال العازف: “هذا الرجل صوته هزم الآلة”!

•أغانيه الخالدة:

غنّى وديع الصافي للعديد من الشعراء، والملحنين أشهرهم الأخوان رحباني، توفيق الباشا، زكي ناصيف، فيلمون وهبي، عفيف رضوان، محمد عبد الوهاب، فريد الأطرش، ورياض البندك. ولكنّه كان يفضّل أن يلحّن أغانيه بنفسه لأنّه كان الأدرى بصوته، كما كان يقول، ولأنّه كان يُدخل المواويل في أغانيه، حتّى أصبح مدرسة يُقتدى بها، حيث كان له الدور الرائد في ترسيخ قواعد الغناء اللبناني، وفي نشر الأغنية اللبنانية في أكثر من بلد، وأصبح مدرسة في الغناء والتلحين، ليس في بلده فقط، بل في العالم العربي أيضا.

من أغانيه الأكثر حضوراً في الذاكرة: «لبنان يا قطعة سما»، و«طلّ الصباح»، و«صرخة بطل» و«الليل يا ليلى يعاتبني» و«شاب الهوى وشبنا» و«مريت ع الدار»، و«لوين يا مروان»، و«عصفورة النهرين» و«الله يرضى عليك يا ابني» و«الله معك يا بيت صامد بالجنوب» وموال «يا مهاجرين ارجعوا»، «طلّوا حبابنا» و«سهرة حب» و«يا شقيق الروح» و«عندك بحرية» و«على اللـه تعود على الله»… إضافة إلى التراتيل الكنسية، ومنها «اللهمّ اسمع أقوالي» وغيرها…

•المهرجانات الغنائية:

شارك وديع الصافي في المهرجانات الغنائية الآتية:

“العرس في القرية” (بعلبك 1959)، “موسم العزّ “، و«مهرجان جبيل» (1960)، «مهرجانات فرقة الأنوار» (1960-1963)، «مهرجان الأرز» (1963)، «أرضنا إلى الأبد» (بعلبك 1964)، «مهرجان نهر الوفا» (1965)، «مهرجان مزيارة» (1969)، «مهرجان بيت الدين» (1970-1972)، «مهرجان بعلبك» (1973-1974).

• الأفلام السينمائية:

كذلك شارك وديع في أكثر من فيلم سينمائي، من بينها: «الخمسة جنيه»، «غزل البنات»، «موّال»، و«نار الشوق»

مؤسس تيار الأغنية اللبنانية:

بفضل ما قدمه الكبير وديع الصافي من أغان وألحان خاصة بلونه الغنائي وحنجرته الذهبية وصوته الجبلي الرخيم، فإنه يعتبر عن جدارة وإقتدار أحد مؤسسي تيار الأغنية الكلاسيكية اللبنانية بألحانه البسيطة السلسة، كيف لا؟ “وهو العملاق في المَغنى مثلما هو عملاق في الكرامة والإنسانية والأخلاق”، كما يصفه كامل طبارة الذي كان يستشيره وديع في ألحانه قبل أن يعتمدها.

•الألقاب:

لقبته مجلة “الشبكة” بلقب “إبن سريج القرن الـ20″، بناء على إستفتاء شعبي من الجمهور، ولقبه الفنان الكبير محمد عبدالوهاب بلقب “مطرب المطربين العرب”، كما لقب بـ”مطرب لبنان الأول” و”مطرب العرب الأكبر” و”مطرب الشرق”، ورغم هذه الألقاب العديدة إلا انه كان يرى لقبه الوحيد “وديع الصافي” فقط…

•التكريم والجنسيات:

كرّمه أكثر من بلد ومؤسـسة وجمعية وحمل أكثر من وسام إستحقاق، منها خمسة أوسمة لبنانية نالها أيام الرؤساء كميل شمعون، فؤاد شهاب وسليمان فرنجية والياس الهراوي، كما منحه الرئيس إميل لحود وسام الأرز برتبة فارس. وكرّمه معهد العالم العربي في باريس(1989) وقدّمت له جامعة الروح القدس في الكسليك دكتوراه فخرية في الموسيقى (1991).

كما منحه الرئيس ميشال سليمان وسام الإستحقاق اللبناني من الدرجة الأولى، الذي وضع على نعشه خلال مراسم جنازته.

كذلك، وتقديراً لفنه وعطائه، منحته عدة دول جنسيتها، حيث أنه يحمل إلى جانب جنسيته اللبنانية ثلاث جنسيات: المصرية والفرنسية والبرازيلية، الاّ أنه يفتخر بلبنانيته، ويردّد أن الأيام علّمته بأن «ما أعزّ من الولد الا البلد».

ما يزال العملاق وأيقونة لبنان وديع الصافي، رغم رحيله، يطرب الأجيال بصوته، الكبار والصغار من خلال مئات الاغاني التي غنها طيلة مسيرته الفنية الراخرة، التي أعطى من خلالها من ذوب روحه، وجمال وجلال صوته الكثير، كما أعطى للأغنية العربية بعداً صوتياً فخماً ورخيماً…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى