ما بين ريّان البطل وأطفال لبنان الشهداء خيط رفيع من المسؤولية… فليتّعظ الزعماء
ريّان يا ريّان ماذا فعلنا لتقاصص عيوننا المسمّرة على شاشات التلفزة تنتظر وبفارغ الصبر ابتسامة الإنتصار على محيّاك لحظة الإعلان عن إنقاذك من ذاك البئر المشؤوم.
ماذا فعلنا يا شهيد الإهمال لتعاقب قلوبنا بهذا الخبر القاسي وترحل حتى دون وداع؟
لمَ يا ايّها الريّان البطل قررت الرحيل في هذه اللحظات وقد أمضيت أيّامك الخمس تقاوم وتكابر على الآلام وحتى دون قطرة ماء انت المرتوي أبدًا من عاطفة عائلية، مجتمعية لا تُقاس؟
أهي دموع أمك التي “أجبرتك” على تحدّي الموت والصراع حتى النفس الأخير؟
أم هو غضب والدك من تأخّرك على العودة إلى البيت هو الذي دفعك لتؤكد له حسن التربية؟
نعم يا ريّان هي خمسة أيام من الإنتظار ساوت عند منتظريك سنوات عمرك الهني.
إسمع يا طفل العالم الحبيب، أطفال لبنان فيهم من العذوبة ما يفرح قلبك الصغير، يعرفون اللعب ويتقنون فنون الطاعة كما يتلهّفون لسماع قصص “الساحرة”، “بينوكيو”، “بياض الثلج” وغيرها من القصص وباللغات الثلاث، فلا تخف، إلعب معهم، فهم سبقوك في رحلة الوداع الأخير بُعيد الانفجار الآثم في شهر آب وما سبقه من انفجارات، في حوادث السير التي شرّعتها ثقافة الموت واللامبالاة، بسبب الفقر والبرد الذي قضّ مضاجعهم وهم يعانون دون مدفأة ولا حتى لحاف.
نعم يا ريّان، ستلهو معهم دون وجع أو خوف، هناك ستكبرون معًا وتتسلّون بكل ألوان الفرح، لكن رجاء، لا تخبرهم أن الأجهزة والناس والمؤسسات في بلادك اجتمعت لإنقاذك، ورحلت، أما في بلادهم، ما اجتمع إلّا القهر والموت وغياب الضمير فكان رحيلهم كالفراشة، لا بل كالنسمة وعلى قساوته، هذا الرحيل الذي لم يستطع أن يحرّك قيد أنملة رجولة مسؤول أو أبوة سياسي أو أو… ورحلوا…
هناك ليا وكلارا وسامر ومحمد و… ستلعب معهم بهناء، لغة واحدة ستجمعكم هي لغة الملائكة والأبرياء.
نَمْ قرير العين يا صغير العالم بأسره فبسنواتك الخمس رسمت طريقًا جديدًا للشعوب والبلدان وجعلت من “مغربك” قبلة أنظار عالمية باحترامها لإنسانية الإنسان وأكّدت مدى الأسف والخزي الذي يعيشه أطفالنا أمام تقاعس حكّامهم والمسؤولين والأحزاب والسلطة بأكملها عن القيام بدورهم ليس لحماية الطفولة فحسب إنّما بتأمين أدنى الحقوق الإنسانية الخاصة بهم.
أودعك اليوم صغير العالم، وأقول لك رجاء أطفال بلادي سيعتنون بك جيدًا، فعلّمهم ما غاب عنهم من ألعاب وأخبرهم أن الحب والحياة سيّان وأنتم يا حبيبي كل الحب وكل تلك الحياة.