من القلب

ثورتي، وما أدراكم ما ثورتي؟

جاكلين جابر أبو عقل

عام مضى، وها هو الاحتفال بانطلاقة عام جديد بعنوان صارخ اسمه “الثورة” قد بدأ. ناس معها حتى آخر رمق، وناس ضدّها حتى النفس الأخير. وفي ما بين الناسين وجدت نفسي في حيرة وتساؤل عن أي ثورة أريد؟

هل هي تلك التي تحمل الشعارات الرنّانة تحت غطاء جهنّمي مميت؟ أم تلك الصادحة في الطرقات، متنقّلة بين تفلّت رخيص وآخر صيده من أرزاق الناس ثمين؟

وبعد تفكير ضنين وضنين، قرّرت أن أتشارك معكم قصة “ثورتي” التي أريد، أنا الثائرة دومًا، على الظلم والجبروت والتعالي و”شوفة الحال”.

أنشد ثورة سلمية تشبه ثورة الفيليبين التي أسقطت نظام ماركوس، دون إراقة نقطة دم واحدة، لا ثورة تضرب فيها النيران وتتصدّر عناوين الصحف أخبار الخراب والدمار.

أعشق ثورة وردية كتلك التي حصلت في جورجيا يوم اقتحم المحتجّون البرلمان حاملين الورود التي أجبرت رئيس البلاد على الاستقالة، لا ثورة يرمى فيها الجيش بالحجارة ويضرب بالسوط من خالف رأيًا أو استنكر لمشهد أو قرار.

أسأل ضغط حراك سلمي، شبيه بذاك الذي ساهم بتنحي رؤساء السودان والجزائر دون حرق دواليب وتعنّت ساخر والفاظ نابية ضدّ من لا تتوحّد معهم بوصلة الآراء.

أريد ثورة تأخذ بيدي إلى حلّ جذريّ يعيدني، كما غيري، إلى بلادي، بلاد العزّة والكرامة، دون أسف على جهد سنين أضاعه مسؤول بطمعه واستغلاله لمنصبه.

أبحث عن ثورة على الجوع، يرفض فيها الجائع الثائر على الطرقات، كل أنواع الأطايب المقدّمة والحلويات، فيما أخوه المناضل بشرف على الحواجز وفي الساحات ببذة عسكرية مجبولة بعرق الوفاء والتضحيات، دون طعام أو شراب، لا بل وأكثر، يضرب ويشتم ويهان.

أريد ثورة فيها من الانتفاضة ما يقلق راحة حيتان المال، يقضّ مضجع من سرق حياة وأحلام الناس، من يقاضي بتجرّد كل من سرق ضحكات الأولاد، فالعقاب واجب والتضامن واجب، أما الاسترسال باللامبالاة وحده الممنوع.

وأخيرًا لا آخرًا، أريد ثورة أتنفس فيها بحرية، تعيد إلى قلبي معاني السلام والأمل بغد جميل، لا طائل فيها لأي سلطان أونفوذ،  يدير “بسلبطة”جاحدة، من لا حول له ولا قوة دافعًا إيّاه إلى الصراخ والعويل: “كلّن يعني كلّن بس زعيمي مش منن”.

وماذا بعد؟

فضلًا وليس أمرًا، إقرأوا ماذا أريد، أليست هذه حال كل شريف نظيف؟

للعزّ وُلدنا لا للعار

للنور خلقنا لا للنار

نصنع في الساحات النصر

نمحو الظلمة والاستار

في وجه الظلم صرخنا غضب

في وجه القهر صببنا لهب

فلتسقطْ أسوار الفتنة

فلتسقطْ أبراج الأشرار

وفي الختام أقول لكم تصبحون:

                      أنتم وأنا على وطن!…

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى