من القلب

بطون فارغة وموائد “صندوق فرجة”.

جاكلين جابر أبو عقل

يا لهذا الفخر والتباهي اللامحدود، صحون مليئة بأطايب المأكولات والحلويات تفترش صفحات مواقع التواصل دون إذن أو حتى استئذان!

ويا لعار العار اللامقبول، بطون فارغة تئن وتستغيث طلبًا “لفتفوتة” خبز أو قطعة حلوى مرمية في الحاويات!

يا للعز المستميت بملابس فاخرة وتبرّج مقيت وكأن الدنيا بألف خير ولا من ينام عريان أو مكسور الخاطر بعد أن أخذت الانهيارات، على تعدّدها، كسوته، وجرّدته من فرحته وحتى من معنى الحياة!

يا أبناء الله، كيف لكم أن تتبجّحوا بصحونكم الطائرة وتتفلسفوا بنزهاتكم الفارغة وهناك من لا يدري كيف يميّز بين ليل ونهار وبين طعام ونفايات؟

إنها أموالكم، صحيح. جنى أتعابكم أيضًا وأيضًا صحيح. لكن ولأنها لكم وحدكم، رجاء تنعّموا بها لوحدكم، فما نراه اليوم نضعه في خانة العهر “غير المقصود”، أفلا تفقهون إحساس الأخوة والتعاطف؟ ألا تعرفون معنى التضامن والشعور بالانتماء إلى ما يسمى بالإنسانية؟

أعزائي، يمكن لبيوتكم أن تشهد بذخ الدنيا والآخرة بكل تفاصيلها الكبيرة منها والصغيرة، لكن ليس من العدل عليكم ولا هو حق لكم، أن تحوّلوا منصّات المواقع الالكترونية للتباهي بما غاب أو حرم منه أخوانكم.

إنها أموالكم صحيح. وليس بمنّة لأحد عليكم، ولكم كامل الحرية أن تعبثوا كما تريدون، ترقصون كما يحلو لكم، لكن إياكم ونعوش الحياة، ففيها من العزّة والكرامة ما أشبع عقول الفقراء. فبالله عليكم، إرحموا من في الارض يرحمكم من في السماء.

وماذا بعد؟

دعاءات لفتافيت خبز سقطت سهوًا على الطرقات، آمال بإعاشات تلبي صراخ أطفال جائعين، تناست ألواح الشوكولا والبون جوس والفاكهة الصيفية، واكتفت بعدس وفول وبعض المعلبات، ترقب الغد لعلّه يحمل وعدًا لبطون اشتاقت للحم أبيض أو أحمر، لا يهمّ، وخبز افرنجي هو كل ما بقي في ذكريات العائلات المتهاوية اجتماعيًا.

هذه حال أهلنا في بلادنا، يوم كانت بلاد الخير والحقيقة، هذه حال أخوتنا في أرض ما عرفت إلا بالعزّة والكرامة. هذه حال أحباء ضاعت منهم حظوظ الحب والحياة. ترى أما يكفي شعبي ما يعانيه لتأتي صور موائدكم واحتفالاتكم و….كمسمار صدئ يغرز في نعوش أمانيهم؟

رحمة بمن يحتاجون، أبعدوا صور المآكل والملبس عن التباهي. ولنعش جميعًا بما يشبه السلام.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى