جاليات

“عزيزتي بيروت.. هُنا مونتريال” اصدار جديد للزميلة دارين حوماني

“عزيزتي بيروت.. هُنا مونتريال” انتاج جديد للكاتبة والشاعرة اللبنانية دارين حوماني صادر عن “دار العائدون للنشر والتوزيع”- عمّان،  وهو مزيج من الشعر والنثر آثرت فيه الكاتبة اللعب على انغام التأملات المسهبة مرة في الواقع المأساوي الذي تعيشه بلادها الأم لبنان مع ما تتضمنه هذه التأملات من وقائع وكوارث ومصائب بكل ما للكلمة من معنى لعل اكبرها واهمها انفجار مرفأ بيروت وما ترتب عليه من ألم وقهر، واخرى في “اناها” الانسانية وومحيطها القريب والكوني.

والكتاب الذي جاء في 138 صفحة، وباللونين الابيض والاسود زينت غلافة لوحة للفنّان اللبناني حسن الجوني وكتب مقدمته الشاعر عبّاس بيضون الذي تحدث عما يحمله هذا الكتاب من دلالات ومضامين ارادت من خلالها الكاتبة التوقف عند نفسها ولنفسها ومما جاء قاله”قد تكون من ميزات دارين حوماني هذه العودة المثابِرة إلى السيرة الشخصية، لا أعني فقط الاحتجاج ضدّ المدينة وضدّ المجتمع وضدّ الآخرين بوجه عام، بل أعني أكثر من ذلك .الاحتجاج هنا هو في غالبه احتجاجٌ شخصي، الأم والمرأة المحاصرة في بيروت ليست في ديوان حوماني أيّ أمّ وأيّ امرأة، إنها دارين نفسها، دارين في حياتها الخاصة. هكذا يسعنا أن نقرأ شعرها كاعتراف كبير، بل نحن لدى قراءته نفهم أننا أمام ما يشبه السيرة. لا يحتاج المرء إلى أن يعرف دارين، كما أعرفها أنا، ليشعر بذلك ،مع ذلك فإن عددًا من المناحي في الديوان لا يمكن فهمها إلّا بإحالتها على السيرة والحياة الخاصّة. قد يحيّرنا هذا الجدل مع الدين وهذه العودة المستمرّة إلى الوجود الإلهي، وهذه المعركة التي أطلق عليها كازانتزاكيس اليوناني أنها معركة مع الإله. قد يحيّرنا ذلك إلى حين نفهم أن دارين المتحدّرة من أسرة دينية، تتكلّم هكذا عن معركتها الخاصة، وأن هذا ليس وحده من سيرتها، فهذه السيرة التي وجدت شعرها واستولدته، هي إلى حدّ بعيد سيرة دارين، بل يمكننا هكذا أن نقرأ شعرها على أنه سيرة، سيرة بالشّعر، إذا أمكن القول. قراءة شعرها، على هذا النحو، قد تحتاج إلى مطالعة ثانية وقراءة أخرى”.

وتحت عنوان “نصوص تعكس نداء الداخل ومعاناة الإنسانيّة”كتب  الكاتب الفلسطيني أنطوان شلحت  كلمة الغلاف الأخير  ، وجاء فيها: لعلّ أكثر ما يستحوذ على قارئ مجموعة دارين حوماني هذه، وعلى ناقدها، يتمثّل بالقيمة التي تضيفها نصوصها إلى انعكاس نداء الداخل، وبالكيفية التي تمتلك بها أدوات ووسائل تعبير تتيح لها إمكان تجريد معاناتها الذاتية المحدّدة كي تبدع أو تخلق “قالبًا عامًا” غير مخصوص بصاحبه، إذا ما جاز التعبير، فيه ما من شأنه أن يؤطر معاناة الإنسانية على وجه البسيطة، قالب يشفّ عن دلالات عادة ما تغيب عن ذهن القارئ فتتولّى قصائدها إعادتها إليه. تحقّق دارين حوماني في هذه المجموعة، بجدارة ملفتة، المقولة الذاهبة إلى أن الشعر والإبداع عمومًا هو تعبير عن نداء الداخل إذ يتحدّى الوجود، عبر التجوهر في عكسه بواسطة صور واستعارات لا تنحصر في شرنقة المُحدّد بل تسمو به إلى المُجرّد على المستوى الإنساني العام”.

“عزيزتي بيروت.. هُنا مونتريال” هو الانتاج السابع للزميلة دارين حوماني ، أكبر من نافذة قطار (2008)، الياطر الحزين (2011)، ملاءات رقيقة في غرفة واحدة (2014)، مقامات الخيبة (2016)، العبور بلا ضوء (2017)، أشجار غير آمنة (2021).

من كتاباتها

أشياء لم أرها من قبل

بدأت برؤية أشياء لم أرها من قبل

العلاقة بين الموت والولادة من جديد

بين الخوف والهدوء العميق

بين أن نمشي بمحاذاة النهر مع أحاسيس لم نستجب لها

وأن نكون أحرارًا من أنفسنا والحياة وسط المياه

الطريقة الوحيدة للصفح عن الإله والآخرين

التخلي

كما يتخلى الإله عنا وقت الألم

هكذا نصبح رقمًا جاء بالخطأ إلى هذا الوجود

نزوة أب لم يعرف في حياته إلا الشقاء

وأم تستبدل بناتها بالفراغ

ماهية الوجود شجرة فارغة من الداخل

قابلة للكسر في أي وقت

لا رهان على المستقبل

العاطفة الجارفة التي تقنعنا بأهمية الحياة

هي العقبة الوحيدة أمام الموت

هل من شيء يستحق أن نفكر فيه ونشقى لأجله؟

أسحب فكرتي من النهر فأجدها تزداد خوفًا

وهي تحدّق بسنوات عمري التي تمرّ بلا حب

أسحب حبيبي أيضًا من النهر

لكنه مائل إلى الخضرة

وهذا ما قد لا يمكن تمييزه بين الأعشاب الضارة

هل سأجد منزلي ذات يوم

على بُعد كيلومترات من الوجود

قد تلحقني الحياة لتلحق بي الأذى مرة أخرى

وليسخر مني القدر مرة أخرى

التقدّم باتجاه الحقيقة

الحقيقة الوحيدة الآن أن أخلع حذائي

وأمشي باتجاه مياه النهر

لقد بدأت برؤية أشياء لم أرها من قبل

يحدث أن تغرق في الاكتئاب فتتوقف عن التفكير السليم

تصبح مثل غيمة قابلة للاستعارة

تسند رأسها إلى زجاج نافذة وتنتظر

ثم تفرط في الحزن

وتتفق مع السماء أن تواصل أخطاءها

محظوظة هذه الغيمة الشاردة

أنه لا يزال ثمة ضوءان صغيران في الشارع

إعادة ترتيب الرؤوس في الخزانة

الصور التي تقرع جرس الباب

العبور فوق الجثث

ونقطة واحدة تلزمنا للخلاص

دون ثغرات إضافية في الرأس…

من الذي جعل القصيدة تُكتب على هذا النحو

ربما المحادثات الذاتية

السنوات القادمة غير القابلة للإصلاح

الأديان وتعدّد الآلهة

الأسئلة

والصامتون

الذين يقحمون أنفسهم بي

وأنا أريد أن أضع حدًا

لكل هذا الانتظار…

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى