جاليات

د .ناهد كوسا: مبادرة خير الدين الأسدي فسحة للتعرّف على تراث بلادنا

هي الثقافة المزانة بأدبيات الوفاء، أو لعلّه الشوق المتغلغل في أحضان حضارات أبى عاشقوها تغييبها عن مدنيّة منتشرة في أصقاع الأرض، فكانت المبادرة الجميلة وكان مُطلقها الخلّاق، في لقاء جلّ ما قيل فيه، عرفان بجميل معلم الأجيال، وبصمة إنسانية، وطنية مرادفها بالخط العريض د. ناهد كوسا وعملاق الأدب والتراث خير الدين الأسدي (حلب 1900-1971).

“مبادرة خير الدين الأسدي” أطلقها د. كوسا منذ سنوات في مونتريال – كندا لتحفيز الشباب السوري على الإطلاع على تراثه الأم لتوثيقه ونشره في ظل الظروف الصعبة السائدة في سوريا.

وللإطلاع على تفاصيل هذه المبادرة كان لـ “الكلمة نيوز” لقاء خاص مع الدكتور ناهد كوسا في لقاء شائق بدأه بالحديث عن ماهية إطلاق هذه المبادرة وأهدافها ومما قاله: “الأسدي شخصية أدبية سورية وثّقت التراث باللهجة المحكيّة، وقد عمل الراحل طوال حياته ما طالبت به منظمة الأمم المتحدة – الأونيسكو – لاحقًا، وبعد أربعين عامًا على تأليفه “موسوعة حلب المقارنة” بتوثيق الكلام المحكي كتابة، وكأني به سابق لعصره قولًا وكتابة ليس فقط في سوريا إنما في العالم العربي ككل”.

وأضاف: “ما يحزّ في نفسي أن هذه الشخصية لم تكرَّم في حياتها قط وهو ما دفعني للعمل على تخليد ذكراه من باب التكريم لا المجاملة”.

وحول بدايات المبادرة أجاب كوسا: “بدأت الفكرة في العام 2008 لكني كنت بانتظار تأمين الهيكلية الملائمة والبحث عمّن يشاركني النشاطات المرتبطة بهذه المبادرة، وفي العام 2014 ومع وقوع الحرب في سوريا وما نتج عنها من تدمير للآثارات وتاريخ الحارات القديمة وغيرها مما له علاقة وثيقة بتراثنا، أطلقتُ مبادرتي المتعلقة بتكريم أي شخصية سورية تعمل على توثيق التراث السوري مع تقديم مبلغ رمزي تشجيعي للمكرّم، وقد آلت أولى التكريمات يومها للأستاذ محمد عدنان حريتاني عن كتابه “أوراق الخريف” وثّق فيه حقبة معينة من تاريخ الأجداد”.

سألناه عن لجنة التحكيم وقوامها أجاب: “لكل جائزة من الجوائز المطروحة لجنة تحكيم خاصة بها تضم المانح وهو مقدم المبلغ الرمزي، مؤسس المبادرة الممثل بشخصي أنا، وأعضاء أكاديميين عرب من مختلف الدول”.

تجدر الإشارة هنا إلى أن التكتّم على أسماء أعضاء لجان التحكيم باستثنائي والمانح، يبقى سيد الموقف لحين إطلاق المبادرة ما يضفي مصداقية عالية على المشروع ويعزّز قوة المبادرة لدينا.

وأضاف: “البداية كانت مع تخصيص جائزة تتعلق بتوثيق التراث، ولما كان التراث منوعًا وفضفاضًا أضفنا أخرى تتعلّق بسيرة وحياة العلّامة خير الدين الأسدي وبعدها جائزة لتوثيق مدينة حلب التي استحوذت قسمًا كبيرًا من دراسات الأسدي نفسه”.

ولما لاقت فكرة التكريم استحسان المهتمين أضيفت الفئات تباعًا، فاختارت الطبيبة المقيمة في فرنسا مهى حمّاض منح جائزتها التكريمية لمن يعمل على توثيق التراث بالصور – التصوير الضوئي – والسيد ادوار هلال المقيم في لبنان لمن يوثّق تراث مدينة حلب، والمهندسة لينا الفرّا لمن يوثّق تراث مدينة دمشق، والمهندس باسم شومان لمن يوثّق تراث مدينة اللاذقية فيما اختار د.منذر حمّامي من اسبانيا توثيق المواضيع المتعلقة بنقل التراث إلى الأطفال عن طريق القصص والرسوم المتحركة، وتبنّى معهد الغوري للموسيقى في مونتريال جائزة توثيق التراث الموسيقي.

وأضاف  د.كوسا قائلًا: “ومن ضمن جوائز التكريم، أضفتُ جائزتين أخريين إحداهما تتعلق بتوثيق التراث الشركسي وأخرى  بالتراث الأرمني كما خصصنا جائزة خاصة لتشجيع الإبداع الفني من رسم ونحت وفن على أنواعه”.

وحول المدة التي تتطلبها الدراسة المتعلقة بالتوثيقات موضوع التكريم أجاب: “إن الموضوع المطروح يتطلّب منا أوقاتًا طويلة من الدراسة والاشراف والتدقيق، فنحن، وكما جرت العادة، نطلق المسابقات مطلع السنة، وتتوقف طلبات الترشيح في شهر تشرين الأول ليتسنى لنا الوقت الكافي لتقييم الأعمال المتبارية، بعدها يتم التحضير لحفل التكريم المقرر سلفًا في 29 كانون الاول من كل عام والذي يتوافق مع تاريخ وفاة الأسدي.

وعن الجديد الذي ستتضمنه المبادرة هذا العام أجاب د.كوسا: “يوافق هذا العام ذكرى مرور 50 سنة على وفاة الاسدي، وقد ارتأينا توسيع مروحة جوائزنا افساحا في  المجال أمام مشاركات أوسع، كما وسيتضمن الحفل هذا العام توزيع ميداليات برونزية على الفائزين  منذ اطلاق المبادرة .

وأخيرًا وليس آخرًا نعمل اليوم على إطلاق موقعنا الألكتروني بحلة جديدة على أمل أن تحمل صفحاته الألكترونية أرشيف مبادراتنا الأمين .

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى