“فرن الصبايا” نكهة لبنانية تراثية خاصة
كتبت جاكلين جابر
صبايا ثلاث اردن التفرد بمهنة لا رئيس فيها ولا مرؤوس، تجمع ولا تفرق، فكان “فرن الصبايا” الذي تميز بوجباته البيتية المشبعة بروح العائلة وتفنن بإعادة “المورقة” او بقلاوة عمشيت، وهي من التراث الجبيلي القديم.
لورنزا، مارتا، لوسي، شقيقات ثلاث، اتخذن من خبرة الوالدة في المطبخ اللبناني التراثي زوادة عملهنّ، ومن متطلبات الحياة اليومية المعاصرة التفاتة نحو “العصرنة” الصحية من خلال ما يقدمنه في فرنهنّ الذي بات اليوم مقصداً ليس فقط لأهالي عمشيت – الطريق البحرية انما لكل لبناني وسائح وزائر مهما تنوعت اذواقهم بين لقمة لبنانية تراثية او صحية نباتية اضافة الى الحلوى بكافة انواعها.
هنّ ثلاث يعملن في لباس موحد من السابعة صباحاً حتى الثانية بعد الظهر، وقد يصل العدد الى سبعة وفق ضغط العمل، اما الرجل فهو الجندي المجهول، عمله وراء الكواليس ليس تعصباً او احتكاراً انما تأكيداً على قدرة المرأة في اثبات نفسها اينما وجدت.
“كل ما نحضره مطلوب ولذيذ، تقول لورنزا”، فنحن نقدم الوجبة العادية كأي فرن في لبنان من منقوشة زعتر، جبنة، كشك… انما بتحضير بيتي من مؤونتنا، كما نقدم الاكل التراثي والصحي والحلوى على انواعها”.
قرص البيض من الاكلات التراثية القديمة اعادته الصبايا الى الحياة وبات مطلب الكثيرين، فالبيض بلدي جداً والقاورما صنع البيت، اما منقوشة السكر والسمسم فهي اطيب بكثير من الدوناتز الاجنبية الصنع.
المورّقة… بقلاوة عمشيت
فرن الصبايا تفرّد بإعادة “المورّقة” الى الاذهان والبيوت، وهي نوع من الفطائر المحلاة المحشوة بالجوز واللوز والمعطرة بماء الورد وماء زهر الليمون.
وتعود خصوصية صنعها الى طريقة حشوها اذ تثقب العجينة الممدودة على شكل رغيف من وسطها بعد ان تنثر الحشوة عليها ويعمد الى لفّها بشكل دائري من الداخل نحو الخارج ليصبح شكلها كالاطار المغلق في سبيل منع الحشوة من التسرب، ومن ثم تخبز حتى يحمرّ لونها.
لم يكتف الصبايا بتقديم الاطباق التراثية انما عملن اكثر على تطوير عملهنّ وها هنّ اليوم يقدّمن الاكل النباتي المستخرج من القمح وهو الطعام الغني بالبروتيين والمستعمل بدل اللحمة في الطبخ. هذا الطعام موجود في العالم ولكن اللافت في الموضوع هو لبننة هذا الصنف وابتكار وجبات لبنانية منه مثل الكبة، الشاورما، الكوسا…
وحتى يكون العمل متكاملاً لا بد من استشارة طبيب اختصاصي لمعرفة كيفية تقديم غذاء كامل في وجود غذاء بروتيني.
“والتحلاية عنا غير شكل، حلوياتنا خالية تماماً من السكر والسمنة والبيض بحيث نستعين بالدبس والقمح الكامل والتمر ونعتمد كثيراً على الجوز واللوز والفستق” تقول لورنزا.
اهتممن بالصحة لأهمية هذا الموضوع في حياتنا اليومية، وبالبيئة لابتعادهن عن اكياس النايلون واستبدالها بالورقية او الكرتونية بدلاً عنها وباللقمة الطيبة فتفرّدن بما يقدمنه فباتت اليوم المعارض المخصصة للأكلات التراثية تستضيفها حتى بات عملهنّ واهتمامهنّ على كل شفة ولسان.