جاليات

عايدة صبرا: “أم وجدي” هو المكافأة التي استحقيتها عن مشواري الفني الطويل “وموهوب العرب” فكرة تنصف المواهب العربية في الاغتراب

جسّدت الادوار على تنوعها فأخذتنا بيدنا الصغار فينا كما الكبار وبقناعة تامة نحو حقيقة لامعة لا تمثيل فيها ولا مشاهد،أقنعتنا فباتت جزءا لطيفا من بيوتاتنا، ننتظر تعابير وجهها، طلتها، انفعالاتها ففي وشوشات عينيها تضحية كل أم، وفي صوتها دعاء كل اخت وفي حركاتها وتحركاتها استمالة كل صديقة أما فيها كعايدة صبرا كل الحرفية التي جعلتها ليست الاكاديمية التي تخرّج طلابا لامعين قط انما الممثلة النادرة المعتمدة على موهبتها المصقولة بالدراسة وتطوير الذات والتي استحقت عنها وبكل شفافية فرصتها المميزة مع المخرج العالمي وجدي معوض في دور “الأم” والذي أحدث ضجة رائعة وتفاعلا جماهريا هائلا لصدق ما قدمت من مشاعر وانفعالات.

عايدة صبرا التي شغلت الصحافة الفرنسية في تعاونها المثمر مع المخرج العالمي معوض هي ضيفة الكلمة نيوز في حديث يلقي الضوء على الحدث الفني العالمي وتداعياته المستقبلية من جهة واستمزاج رأيها ببرنامج “موهوب العرب” الذي ستطل  في اولى حلقاته كضيفة شرف وتقوم محطة كنار تي في التلفزيونية بعرضه بدءأً من مساء يوم الجمعة المقبل فماذا قالت؟؟

  • “أم وجدي” نقطة فاصلة في حياتك كما تقولين دائماً، كيف وقع الدور على عايدة صبرا اللبنانية المقيمة في كندا وماذا عن هذه التجربة بالذات؟

 بالفعل، لقد كان لمشاركتي في مسرحية “الام” مع وجدي معوّض، البعد الآخر لمسيرتي الفنية الطويلة، فهي الحدث الأهمّ ولعلّها أجمل ما تتوّجت به، وقد جاءت بناء على ترشيح الممثلة اوديت مخلوف معركش لاسمي- هي التي لعبت معه دورا في فيلم تم عرضه في فصل الصيف ولفتته بذكائها -ردا على طلب معوض تسمية ممثلة لبنانية قديرة قد تكون تشبه والدته وفق صورة لها زودها بها، لتلعب دورها في المسرحية، ولانها كانت تعرف باسمي والكثير من اعمالي أرسلت له ما يساعده في البحث عني، فاتصل بي، وهنا طار صوابي من الفرح، فهذه فرصة عالمية كون معوض من اهم المخرجين في العالم الغربي، بَصمته واضحة في عالم الابداع، واختياره لعايدة صبرا الفنانة بالتأكيد سيضيف الى حياتها الفنية الكثير الكثير لان العمل معه حلم لا بل فرصة استثنائية لا تتكرر مرتين، وبالتالي فان تعاملي معه أعتبره نقطة فارقة في حياتي، وخطوة الى الأمام في مسيرتي، نظرًا إلى احترافيّته وتقنيّاته الهائلة.

  • وكيف تمت التدريبات على العمل وماذا تقولين عن هذه التجربة الجديدة انت الاكاديمية والفنانة ذات الباع طويل في عالم التمثيل؟

في حزيران 2021 سافرت الى فرنسا والتقيت معوض وجها لوجه، لاول مرة، وهناك عملت أنا وأوديت معلوف ما يُسمّى بـ “مختبر” تمارين أوليّة معه، فكان يُعطينا عناوين معيّنة نرتجلها، ليتعرف من خلالها على حضورنا الابداعي والتي استمرت لثلاثة اسابيع متواصلة وبدوام بومي من العاشرة صباحا حتى السادسة مساء، وكانت بمثابة مسودة استعان ببعضها، وطوّر كتابتها، واستخدمها لاحقًا في المسرحية. وفي أيلول الماضي عدت الى فرنسا وبدأنا تمارين، فكان يعطينا النص، نترجمه، ندرسه ونغوص في أعماق الشخصية، ودوري كوالدة مهاجر كان باللغة العربية مع ادخال بعض الجمل بالفرنسية.

ان طريقة عمل معوّض جديدة ومحترفة، استفدت منها كثيراً على المستويين الفنّي والمسرحي، ومن المؤكد أنه استطاع ان يرسم لنفسه أطارا ابداعيا لا يمكن تقليده او حتى التشبه به.

  • لنتحدث عن موضوع المسرحية، ما الجديد الذي حملته برأيك وأين نقاط القوة في عناصرها حتى لفتت الانظار اليها وتناولتها الصحافة بهذا الاهتمام الواسع؟

بداية أود القول أن الموضوع هو آني قديم، الهجرة بكل تداعياتها، ولكن الاضافة الخاصة لنكهة معوض هي التي أخرجته من نمطية السرد والعرض فكان عملا متكاملا شكلا ومضمونا.

وتتناول المسرحية موضوع هجرة عائلة وجدي المكونة من الام والاولاد الى فرنسا، وبقاء الوالد في لبنان، ابان الحرب الدائرة يومذاك على امل العودة بعد ثلاثة اشهر امتدت طوعا لسنوات طوال. ويتلخص دوري كأم بنقل الصراع والخوف والقلق الذي تعيشه أم وجدي في بلاد الاغتراب، هي المقيمة واطفالها الصغار داخل شقة صغيرة، بموارد مادية قليلة، والمسؤولة عن تربيتهم لوحدها، حيث يكبرون في بيئة غير بيئتهم وأنماط فكرية تُعاكس ما أرادته لهم، والقلقة على زوجها من تداعيات الحرب الدائرة والبعيدة عن أهلها واصدقائها، في مشاهد تنقل وتترجم واقع كل أم عاشت هذه التجربة بتناقضاتها واسرارها ومخاوفها، والتي حرص معوض أن يقدّمها في أقصى حالاتها الانفعاليّة، لتغدو أقرب إلى “الهيستيريا”. وهنا اود ان انوه بالصحافية كريستين اوكرينت، الغنية عن التعريف، التي شاركت بتغطية كل أحداث لبنان يومها وهي تشارك في المسرحية بدورها الحقيقي، هي التي شارفت على نهايات العقد السابع من العمر.

وبهذا البُعد الإنساني الحقيقي الجذاب، استطاعت المسرحية تجاوز “اللبننة المعروفة” والخاصة وراحت أبعد منذلك  بكثير حيث راحت تعزف على وتر كلّ شخص اضطرته ظروفه أن يترك أرضه ووطنه وثقافته، وليبدأ حياته من الصفر. وهذا ما يؤكّده مشاهدو العرض، من الحضور والنقّاد.

أما عن دوري “كأم وجدي” فتكمن أهميته بقوته، مدة المسرحية ساعتان وعشر دقائق لا فواصل فيها، والتلاوين الانفعالية المطلوبة لانجاح الشخصية أقضيها على المسرح لحظة بلحظة حيث الفرح، الانهيار، الحنان، البكاء…. فأنا ألعب كل الالوان بشخصية واحدة وهذا أحد اسرار النجاح ولا أفشي سرا ان قلت ان المسرحية استطاعت ان تنال تفاعلا جماهيريا واعلاميا في فرنسا منقطع النظير.

  • هاجرت مرتين، ماذا أضافت هجرتك الشخصية للنص وماذا أعطتك؟

هاجرتُ من لبنان في بدايات الحرب الاليمة، وعدتُ بعد سنوات حبًّا به وبالحياة على أرضه وبالمسرح، لكن ظروف الحياة والآفاق المسدودة فيه ساهمت بتكراري تجربة الاغتراب منذ سنتين تقريبا، لكن هذه المرّة هجرتي جاءت في سنّ أكبر، ما جعل التجربة أصعب. فليس  من السهل ابدا وبعد ان  نكون قد اسسنا وعملنا ونجحنا في بلادنا ان نترك كل شيء، كل كل شيء ونرحل لنعود ونبدأ من جديد.

هذه التجربة التي عشتها أخيراً جعلتني أتماهى أكثر مع شخصية أم وجدي معوّض في مسرحية “الأم”. إنها الغصّة ذاتها والخوف والقلق والتوتر… هذه المشاعر التي تعمّد معوّض أن يقدّمها في أقصى حالاتها الانفعاليّة، والتي كانت نابعة هي ايضا  من معاناتي الشخصية، انا الام والعاملة والمهاجرة وفي سن ليست صغيرة… فالهجرة أو تجربتي الشخصية مع الاغتراب أعطتني هي أيضا القوة لتجسيد دور بهذا العمق وهذه القوة.

  • ماذا بعد “أم وجدي”؟ وهل من مشروع عالمي آخر؟

لم ينته مسار المسرحية بعد، هناك جولات عديدة يحضر لها معوض ستشمل اميركا واوروبا ونحن بصدد دراسة تحديد الوقت المناسب للعرض.

  • ماذا تقول عايدة صبرا في وجدي وكيف تنظر الى تجربتها الجديدة معه؟

 وجدي معوّض لبنانيّ الاصل عاش فترة من حياته في مونتريال في كندا واخرى في فرنسا، وفيهما اكتسب ثقافته الكبيرة، وبنى تجربته الرائدة، ما جعله بمستوى عالٍ جدًا، والعمل معه وبحق فرصة استثنائيّة أكثر من رائعة، لذا من الطبيعي أن أصف هذه المشاركة بالثمينة جدًا، لا سيّما أنه اختارني لأجسّد دور “أمّه”، وهو ما أراه امتيازًا لي.

  • هل استطاع هذا الدور ان يحقق احلام عايدة صبرا الفنية؟

أدوار كثيرة لازلت بانتظار فرصة تحقيقها، وها انا اليوم أسعى مع وكلاء في شركات انتاج كندية، للحصول على الدور الذي اهتم لتحقيقه، وانا مؤمنة ان العمل مع وجدي معوض سيشرع الابواب امامي، وصحيح ان المسرحية حققت جزءا كبيرا من احلامي، وهي عربون شكر من ذاتي لذاتي على ما قدمته خلال مسيرتي الفنية، لكني سأظل أحلم وأحلم حتى يبقى السعي سيد التجديد والنجاح.

  • انت اليوم ضيفة شرف في برنامج “موهوب العرب” وبالتالي سيكون لك رأي تقييمي حول أداء المشاركين، كيف تنظرين الى هذه التجربة انت المُحَكِمة في برامج فنية سابقة وعلى اي الاسس سيتم التحكيم لا سيما وان البرنامج سيعرض عبر خاصية زوم؟

البرامج عبر خاصية زوم تظلم المواهب احيانا، لذا سأكون متسامحة قليلا، وكما كنا نقيّم اداء المشتركين في البرامج الفنية من قبل بالنظر الى مؤهلاتهم، الاداء، الصوت، اعداد المشهد، سيكون تقييمنا في برنامج “موهوب العرب” مع السماح لنفسي بالتساهل قليلا.

أما بالنسبة الى البرنامج ككل فانا أجد ان فكرته رائعة في ظل تغييب البرامج التي تتناول المواهب العربية في بلاد الاغتراب، فهو سينصفها بعد رعايته للمتميزين منهم، وككل بدايات اي عمل جديد تخاف الناس المشاركة، لكن الثقة بما يقدم هو مفتاح النجاح لاي عمل كان، ولطالما كانت تجربة العام الماضي هي الاولى وقد كتب لها النجاح بدليل اعادتها هذا العام فمن المؤكد ان البرنامج سيخطو نحو تثبيت خطاه وسيكون من البرامج الهامة لان العرب بحاجة لمنبر ليطلوا من خلاله لاسيما وانهم يتمتعون بمواهب حقيقية ومتنوعة.

الصور بعدسة Tuong-vi Naguyen

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى