مناسبات

انطوان طيار: كارثة 4 آب الضربة القاضية لآمالنا

عضو مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة اللبنانية الكندية-مونتريال

سنة كاملة مرت على أفجع كارثة عرفها لبنان في الحقبة الاخيرة، كارثة حلّت فقضت على آخر ما تبقى من أمل بغدٍ أفضل، وأبعدت أكثر وأكثر الرجاء بنهوض وطننا مرة جديدة من محنه المتكررة والمتعددة.
كمن يحضر مسرحية سوريالية يأتيك المشهد الختامي فيها مدوٍ وأليمٍ ومدمر: انفجار ٤ آب!
فبالإضافة الى قساوتها وعنفها كانت هذه الفاجعة بالنسبة الينا في مغترباتنا ضربة قاضية بددت أحلامنا وأمنياتنا بحصول وطننا الأم على فرصة أخرى لاستعادة بعض ما فقد.
عائلات كثيرة من أبناء بلادي عاشت فترات ومراحل الحرب التي كانت وعلى الرغم من بشاعتها، أقل قساوة ومرارة من الذي شهدناه وخبرناه في فترة ما بعد الحرب الرعناء.
فدمار البنى التحتية والمؤسسات والبنيان لم يطل اخلاق ومبادئ ونخوة الانسان، لكن وللاسف، كل هذه الصفات الحميدة اضمحلت في أيام السلم وليس الحرب، ففقد اللبناني ما قد تبقى من سلامه وسلامته بسبب سياسات خرقاء ومتهورة وأنانية لم تحسب للمواطن أي حساب فوصلت الامور الى أسوأ المدارك وأصبح لبنان في أدنى التصنيفات العالمية.
ما عسانا نقول لأهلنا الذين فقدوا أعز الناس اليهم وجنى أعمارهم؟ لم يعد للكلام اي فحوى وصارت المرارة أبلغ من أي تعزية… فبعد مرور سنة، وفي غياب أي تحقيق جدي ورصين، تحولت ضحايا الانفجار الى أضحية على مذابح الاستهتار.
لن تكفي كلمات التعزية لبلسمة الاحزان، فالصمت وحده سيّد الكلام ان لم يكن أبلغه، ولم يبقَ الا الصلاة والايمان، فلا يوجد بعد اليوم للحق وللعدالة من مكان.
لقد ابتعدنا قسرًا او خيارًا منذ سنوات عن وطننا بحثًا في حينه عن أمن وسلام  واستقرار وكلنا أمل بامكانية العودة الى ربوعه والإسهام بإعادته الى ما عهدناه، ولكننا بتنا يومًا بعد يوم، نَستبعِد فكرة العودة القريبة، في ما لو استمرت السياسات محصورة، كما هي، بالمصالح الشخصية الضيقة لمن هم في الحكم الذين يتفرجون غير آبهين بوطن تنهار فيه آخر صروحه وخطوط دفاعه التربوية والصحية والمصرفية والتي تسقط الواحدة تلو الاخرى.
وعلى الرغم من كل ذلك، نسعى دون كلل او ملل، ومن خلال مبادرات فردية او جماعية لخلق فرصٍ جديدة، لإمداد أهلنا ومجتمعاتنا في لبنان بما تيسر من دعم ومساندة وايجاد كل السبل الآيلة لتأمين استمرارية الانسان والاعمال قدر الامكان. وقد تكون هذه ربما من المحاولات الاخيرة لإنقاذ ما تبقى ومن بقي… فمن بعدها لا يسعنا الّا القبول بقدرنا وبأننا أصبحنا غرباء في وطننا ومغتربين في العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى