إقتصاد

عقبات تعترض طريق “خفض التضخم”.. ما هي؟

ونقلت صحيفة “فاينانشال تايمز” عن بيير أوليفييه غورينشاس، قوله إن المسؤولين “يجب أن يكونوا مستعدين لمزيد من الصعوبات على الطريق” في صراعهم لإعادة التضخم إلى المعدل المستهدف”.
وأضاف أن ضغوط أسعار الخدمات أثبتت “استمرارها” على جانبي المحيط الأطلسي، على الرغم من التقدم الأخير في خفض التضخم بشكل عام.
وفي تقرير منفصل، حذر صندوق النقد الدولي من أن “تصعيد التوترات التجارية قد يزيد من مخاطر التضخم في الأمد القريب من خلال زيادة تكلفة السلع المستوردة على طول سلسلة التوريد”.
وتأتي تعليقات غورينشاس، التي أدلى بها يوم الاثنين الماضي، في الوقت الذي تستعد فيه البنوك المركزية لتخفيف سياساتها النقدية.
وفي خطوة تتماشى مع التوقعات، أبقى البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة دون تغيير، الخميس، وذلك عند مستوى 4.25 بالمئة.
بينما يبحث بنك الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا عن فرصة لخفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة.
وحذر الصندوق من أن استمرار ضغوط الأسعار قد يؤدي إلى تأخير عودة تكاليف الاقتراض المنخفضة.
وقال إن “خطر التضخم المرتفع أثار احتمالات ارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة المخاطر الخارجية والمالية”.
وتشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى أن التضخم العالمي من غير المرجح أن يصل إلى 2 بالمئة حتى نهاية عام 2025.
وعلى الرغم من تحفظات صندوق النقد الدولي، يتوقع المستثمرون أن يقدم بنك الاحتياطي الفيدرالي أول تخفيض لسعر الفائدة في سبتمبر، بعد أن قال رئيس البنك جيروم باول وغيره من صناع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إن بيانات التضخم الأخيرة أظهرت “تقدماً”.
وبحسب غورينشاس، فإنه في حين أن الانخفاض الأخير في ضغوط الأسعار في الولايات المتحدة كان “خطوة في الاتجاه الصحيح”، فإن أكبر اقتصاد في العالم كان قوياً بما يكفي ليعني أن صناع السياسات “يمكنهم تحمل الانتظار لفترة أطول قليلاً، إذا لزم الأمر، من حيث التحول نحو تخفيف أسعار الفائدة”.
وتواجه البنوك المركزية على مستوى العالم معضلة صعبة، تتمثل في الموازنة بين الحفاظ على قبضة قوية بما يكفي على التضخم لضمان عودته إلى المعدل المستهدف وفي الوقت نفسه الحماية من ارتفاع حاد في عمليات التسريح.
ومن المقرر أن تحدد لجنة السياسة في بنك إنكلترا أسعار الفائدة في الأول من أغسطس، في تصويت من المتوقع أن يكون منقسما.
الانتخابات
وحذر الصندوق أيضاً من إمكانية حدوث “تقلبات كبيرة” في السياسة الاقتصادية هذا العام نتيجة للانتخابات في جميع أنحاء العالم، حيث قد يكون ارتفاع الحمائية أحد العواقب المحتملة.
يريد المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 10 بالمئة على جميع الواردات، ورسوم بنسبة 60 بالمئة على الواردات القادمة من الصين. وفي يوم الاثنين، تم ترشيح السيناتور جيه دي فانس من ولاية أوهايو، وهو مؤيد للحمائية والقيود المفروضة على الهجرة، لمنصب نائب الرئيس.
وفي حديثه خلال مؤتمر صحافي عقده يوم الثلاثاء، أشار غورينشاس إلى أن الدول التي فرضت رسوماً في الماضي كانت تتحمل عادة تكلفة هذه التعريفات. وقال: “إنها تضر بالاقتصاد المحلي كما أنها تسبب آثاراً جانبية لدول أخرى أيضاً”.
ومع ذلك، من المتوقع أن يتوسع حجم التجارة بين البلدان بنسبة 3.25 بالمئة هذا العام، بعد ركوده في عام 2023.
ترقب حذر
من جانبه، يقول مدير مركز رؤية للدراسات الاقتصادية، بلال شعيب، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن العالم في منتصف نهاية الأزمة، ذلك أن التضخم يمر بعدة مراحل، منها: الارتفاع التدريجي المتسارع، ومن ثم الانخفاض ولكن بشكل أبطأ، وحالياً العالم في نهاية منتصف الأزمة، ذلك أن المنحنى يأخذ الهبوط التدريجي، ولكن بحذر، لا سيما وأن الظروف السياسية والجيوسياسية المختلفة لها تأثير بشكل كبير على الوضع الاقتصادي الدولي.
ويشدد على أن هناك تحديات تقابل استقرار الأسعار عالمياً، وأبرزها التوترات السياسية والعسكرية، سواء أكان في أوروبا (فيما يخص الحرب في أوكرانيا) وكذلك في منطقة الشرق الأوسط (فيما يتصل بالحرب في غزة والتوترات في البحر الأحمر).
توقعات صندوق النقد
أبقى الصندوق توقعاته للنمو العالمي دون تغيير عند 3.2 بالمئة هذا العام. ويقدر أن النمو سيرتفع قليلا إلى 3.3 بالمئة في العام 2025.
من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بوتيرة أبطأ قليلا من المتوقع، حيث سيتوسع بنسبة 2.6 بالمئة في العام 2024 و1.9 بالمئة العام المقبل.
ومن المتوقع أن يرتفع نمو منطقة اليورو إلى 1.5 بالمئة في العام 2025 بعد تسجيله نمو بنسبة 0.9 بالمئة هذا العام.
اقتصاد المملكة المتحدة سينمو بنسبة 0.7 بالمئة هذا العام، وهو أعلى قليلا من التوقعات في أبريل، وبنسبة 1.5 بالمئة في العام 2025.
ورفع الصندوق بشكل حاد توقعاته للنمو في الصين بنحو 0.4 نقطة مئوية إلى 5 بالمئة و4.5 بالمئة في عامي 2024 و2025 على التوالي.
مسار التضخم
يقول مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، مصطفى أبو زيد، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن التضخم العالمي يشهد حالياً هدوءاً حذراً، وبينما تطور السياسات النقدية المتبعة لمواجهة ارتفاع معدل التضخم تختلف في كل اقتصاد على حدا بحسب المعطيات والمتغيرات الخاصة بالمؤشرات الكلية للاقتصاد، خاصةً فيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، ومعدلات البطالة.
ويضيف: التضخم العالمي يتأثر بالأحداث الإقليمية والدولية واضطرابات سلاسل الإمداد، خصوصاً فيما يتعلق بالاضطراب في البحر الأحمر، وزيادة تكاليف الشحن، والوقت المخصص للرحلات البحرية، وتغيير الوجهات، فهذا يتطلب زيادة في استهلاك الوقود وزيادة في الوقت، بالتالي يتم تحميل كل ذلك على أسعار السلع والبضائع المحملة على تلك السفن، وهذا يساعد على ارتفاع معدل التضخم.
“الحكومات تشهد تحديات في طريق كبح جماح التضخم في ضوء كل تلك العوامل، ووضعه على مسار نزولي في اتجاه الانخفاض، فهذا يتوقف على الانتهاء من الأزمة الموجودة في غزة، والبحر الأحمر، فذلك يسهم بشكل كبير جداً في عودة انسيابية سلاسل الإمداد، بالتالي سلاسة تدفق السلع والبضائع للأسواق مما يؤثر في عملية زيادة، وارتفاع النشاط الاقتصادي فيما يتعلق بالمنتجين والمصنعين، وزيادة الإنتاج هذا سيوفر فرص المعدل تساهم في تراجع معدلات البطالة”، بحسب أبو زيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى