أخبار دولية

من هو يفغيني بريغوجين الذي يُعتقد أنه قتل على متن الطائرة في سماء روسيا؟

يفغيني بريغوجين قائد فاغنر الشرس أول من تحدى بوتين على مدار تاريخ حكمه، وأدخل العالم في نوبة خوف على الترسانة النووية الروسية الأضخم في العالم، وأحدث نقلة نوعية في ظروف الحرب الروسية على أوكرانيا.

بدأ ظهوره وذاع صيته في الشهور الأخيرة بعد البيانات المرعبة التي بثها مهاجماً فيها القيادة العسكرية الروسية.. إلى أن اتخذ قراره الذي صدم الدنيا باقتحام الأراضي الروسية معلناً التمرد المسلح وساعياً لاعتقال كلاً من وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ورئيس الأركان فاليري غيرايسيموف وإعدامهم.

من خلف القضبان إلى الطبخ للكرملين

قبل أن يصبح وحش فاغنر ويحكم قبضته عليها كان بريغوجين يقضي تسع سنوات في السجن بتهم السطو والسرقة، حيث ارتكب عدة جرائم في مطلع حياته أودت به في الزنازين، ليخرج منها ويفتتح سلسلة من الأكشاك في مدينته سان بطرسبرغ التي تصادف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينتمي إليها، وعلى عكس توقعاته سارت أعماله بنجاح كبير ما مكنه من افتتاح سلسلة من المطاعم الفارهة، تمكن بعدها من الحصول على عقود ضخمة مع الكرملين لتقديم وجبات الطعام لكبار المسؤولين ومن بينهم بوتين، فضلاً عن تولي شركاته خدمات استضافة الرؤساء والوزراء القادمين إلى روسيا من دول أخرى، وقد أتاحت له هذه الفرصة ولوجاً إلى دائرة صنع القرار الضيقة في الكرملين، وتشبيك علاقات واسعة مع مسؤولين في الدفاع والأمن والاستخبارات، ليبدأ بعدها خطوته التالية.

طباخ بوتين قائداً لفاغنر

بريغوجين الذي أصبح من أثرياء روسيا حاول بحسب تقارير المخابرات الأمريكية التقرب من بوتين ونيل وده في سبيل الحصول على منصب رفيع في الدولة، لكن ذلك لم يسر حسب ما خطط له، فقام بالاستثمار بشكل كبير في الشركة العسكرية الروسية الأضخم التي أسسها عنصر سابق في القوات الخاصة، إلى أن وصل لقمة الهرم وأصبح زعيماً لواحدة من أكبر امبراطوريات الجنود المرتزقة في العالم، فاغنر التي يخدم فيها عشرات الآلاف من عناصر القوات الخاصة والخبراء العسكريين ومجموعة من المخضرمين في مجال المخابرات، ولم يكن حينها مشهوراً أو معروفاً، لكنه حاز على انتباه العالم بعدما بدأ في مهاجمة قادة الجيش الروسي واتهامهم بالتخاذل والعمالة خلال الحرب مع أوكرانيا.

خلافات عميقة في أوج الحرب

بيد أن قائد فاغنر الشرس صعد حدة هجومه على القادة الروس بشكل كبير، واصفاً إياهم بالخونة ومن يسحبون روسيا نحو الهاوية، لكنه بقي متجنباً لمهاجمة بوتين، حتى لا يغضب الرجل الأقوى في روسيا، وهذه الخلافات المستشرية في دهاليز وزارة الدفاع كانت محط أنظار أجهزة الاستخبارات حول العالم، لأن الرجل بدأ في كشف المشاكل العملياتية واللوجستية التي تعاني منها قواته التي تقاتل في جبهات أوكرانية متقدمة، ليقوم بالخطوة التي كانت بمثابة زلزال كبير هز أركان الدولة الروسية عن بكرة أبيها.

تمرد مسلح في عمق روسيا

في صبيحة الرابع والعشرين من يونيو حزيران شن بريغوجين تمرداً مسلحاً صدم كبار الروؤساء في العالم، مقتحماً روسيا بجحافل قواته القادمة من أوكرانيا، ومسيطراً على مقاطعة روستوف التي تتمركز فيها قيادة العمليات التي تدير الحرب، ويعلن عزمه إعدام وزير الدفاع وعدداً آخر من المسؤولين، ومتوعداً بالزحف نحو العاصمة واعتقالهم، لكن تدخلاً طارئاً من رئيس بيلاروسيا كان كفيلاً بوقف شلال الدم قبل أن ينطلق، ذلك أن الرجل وقواته أصبحوا على بعد مئتي كيلومتر من موسكو، ليعلن بعدها إيقاف التمرد والمغادرة إلى بيلاروسيا.

وقد كانت القشة التي قسمت ظهر البعير هي محاولة وزارة الدفاع الروسية إحكام سيطرتها على كافة القوات غير النظامية العاملة في أوكرانيا، واجبار الشركات الأمنية على توقيع العقود.. فالرجل الذي اتهم الجيش الروسي بقصف قواته في باخموت كان يخشى أن يخسر أغلى ما يملك.. وبذلك يصبح دوره المحوري عدماً في عدم. لكن اتفاقاً لا تعرف تفاصيله حال دون ذلك، لينتهي التمرد الذي قاده بريغوجين بعد ستة وثلاثين ساعة.. لكن تداعياته بعيدة جداً من الانتهاء، وليس معروفاً كيف سيعيد بوتين إحكام قبضته على صولجان الحكم المطلق في روسيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى