أخبار لبنان

بعد “يروحوا يهجّوا” و”ماخلّونا” عون يبشّر اللبنانيين بجهنّم جديدة

د. علي حرب – موقع “المنبّه”

“عدم تشكيل الحكومة يقود البلاد إلى “جهنّم”، هذا ما تكرّم به الرئيس ميشال عون اليوم في، 21/09/2020، ببشارته إلى شعبه اللبناني العظيم!

ربّما تكون هذه العبارة، مع َضآلتها أمام الجهنّمات الحارقة التي يعيشها لبنان وشعبه، هي من أصدق العبارات والوعود التي أطلقها الرئيس عون، ليس فقط عبر سنواته التي تقترب من الأربع وهو على سدّة الجمهورية، بل قبل ذلك بكثير، يوم انتفض وثار وإحتل قصر الشعب ووعد اللبنانيين بـ”الحرية والسيادة والاستقلال”، قبل أن يضبضب عفشه ويلجأ إلى السفارة الفرنسية تاركًا جنوده وضبّاته وشعبه الذين صدّقوه، إلى مصيرهم في جهنّم الأولى التي خلّفها حضوره بين 1988 و1990.

وكذلك بعد أن عاد من منفاه الباريسي الذي استمرّ خمسة عشر عامًا، مكلّلًا بغار العفو العام في قلب “انتفاضة الاستقلال”، يوم السابع من أيار 2005، إذ أطلق أنصاره ومحازبو تيّاره وعود العون الآتي من عند الله “عونك جايي من الله”، لاسيما بعد زيارته التاريخية إلى عدّوه الاستراتيجي سوريا ومن ثم توقيع وثيقة التفاهم مع “حزب الله” في السادس من شباط 2006، وصولاً إلى زيارة إيران، والتي اندرجت جميعها تحت شعار “إعادة التموضع” من أجل لبنان.

ويتوالى إغداق الوعود منذ خطاب القسم، بعد أن أقحم البلاد والعباد في فراغ لمدة سنتين ونصف، وأدخلهما في جهنّمه الوسطى نزولًا عند تحقيق حلمه بـ”أنا أو لا أحد”، للعودة إلى قصر الشعب الذي أخرج منه عنوة، حيث وعد بتحقيق “السيادة والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمحافظة على الفرادة اللبنانية بتعدّديتها المتوازنة”، إلى آخر تلك المعزوفة الورقية التي لم تخرج منها كلمة واحدة إلى حيّز الواقع، إن لم نقل أنها خرجت كلّها إلى نقيضها التام عملًا وواقعًا ملموسًا.

فما أن انطلقت ثورة الشعب المكتوي بالجهنّمين، الأولى والوسطى، فسادًا وجوعًا وانهيارًا وفشلًا، في السابع عشر من تشرين الأول 2019، حتى طالب الرئيس عون شعبه العظيم “الذي كان دومًا على الموعد معي، والحصن المنيع الذي ألجأ اليه في التعهدات الكبرى والخيارات المصيرية”، بالهجرة والمغادرة حين قال: “إذا ما في عندهم أوادم بالدولة يروحوا يهجّوا (يغادروا)، ما رح يوصلوا للسلطة”.

ثم زاد فضل الرئيس على شعبه المقهور فبرّر قصوره وعجزه عن تحقيق وعوده برمي التهمة على شركائه في الحكم والاتفاقيات والتفاهمات قائلًا: “ما خلّونا” (أي دائمًا يعرقلونا).

وها هو اليوم، وبعد جهنّم الكارثة الزلزالية التي تفجرّت مخازن نيرانها في قلب بيروت وأهلها مخلّفة آلاف الضحايا والجرحى والمشرّدين، وبعد إمعان حلفائه في تعطيل تشكيل حكومة ترعى شؤون الوطن السائب وتُخرج اللبنانين من آتون الموت والجوع، يقف ليبشّر من تبقى حيًّا ومن لم يمت ولم يشرّد ولم يهاجر، بأن جهنّم الرابعة على الأبواب، فمن لم يستجب لدعوته بهجرة الوطن الذي سجّله حصرًا لعائلته وأزلامه وحليفه، فليمت مشوّيًا بنار جهنّم وبئس المصير.

عفًوًا سيدي الرئيس، فقد عَمِيتْ عيوننا من الحرائق ولم نعد نعرف طريقنا إلى أي جهنّم نتّجه، فهل تتكرّم علينا هذه المرّة أيضًا وتتفضّل أمامنا لترشدنا إلى طريق جهنّمك الجديدة، مع الرجاء بعدم تركنا وحيدين ومقطوعين في منتصف الطريق.؟!…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى