جاليات

ساحة الاغتراب اللبناني تبصر النور في فيكتوريا-بريتش كولومبيا

وبات الحلم حقيقة، حقيقة ستشهد لها الاجيال المقبلة ويتباهى بها كل مثقف مفتون بأدبيات وحضارة بلادنا التي لم ولن تندثر، أما الحدث فهو افتتاح “ساحة الاغتراب  اللبناني”  Libanese Emigration Plaza في حديقة سينتينيال في مدينة فيكتوريا، بحضور ورعاية سفير لبنان في كندا فادي زيادة، هذه الساحة التي دأب الدكتور نيكولا قهوجي على متابعة أدقّ تفاصيل انجازها منذ سنوات طوال، وذلك تزامنا مع ذكرى مرور 135 عام على الهجرة اللبنانية الى مقاطعة بريتش كولومبيا. حضر حفل الافتتاح الى زيادة وقهوجي، كارلا ظريفة رئيسة مجلس كولومبيا البريطانية في الجامعة الثقافية في العالم، وزير شؤون الغابات في حكومة بريتش كولومبيا بروس رالتسون ممثَّلا برافي بارمر، النائب الفدرالي لينا دياب، القنصل الفخري في هاليفاكس وديع فارس، القنصل الفحري في كالغري ايلي غنيمة، رئيسة بلدية فيكتوريا ماريان ألتو ممثلة بجيريمي كارادونا، نائب رئيس عالمي سابق وعضو الادارة العالمية للجامعة الثقافية في العالم فريد مكارم ممثلِّا الرئيس العالمي الدكتور شكيب رمال (العودة الى الجذور) الدكتور حبيب شمعون رئيس مركز دراسات الفينيقية PIRC وممثلون عن الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، اضافة الى 24 قنصلاً معتمدين في بريتش كولومبيا يمثلون مختلف الدول الصديقة للبنان وحشد من أبناء الحالية اللبنانية.

 زيادة

في كلمته ثمّن زيادة الدور الذي كانت ولما تزل دولة كندا تلعبه في احتضانها للمهاجرين اللبنانيين منذ أكثر من 140 عاما”، ومما قاله: “نجتمع اليوم لنعرب عن تقديرنا العميق لدولة كندا العظيمة، البلد الذي رحّب بالمهاجرين اللبنانيين عشرات السنين، لقد بدأت الرحلة الشاقة والشجاعة للمهاجرين اللبنانيين إلى كندا في العام 1882 على ضفاف نهر سانت لورانس في مونتريال، وتلاها في عام 1884 وصول المزيد منهم إلى هاليفاكس، نوفا سكوتيا المنطقة التي تمّ فيها نصب تمثال مماثل على واجهة هاليفاكس البحرية في العام 2018، برعاية القنصل الفخري وديع فارس”.

وأضاف: “وضعنا اليوم تمثالًا آخر هنا على شواطئ فيكتوريا للاحتفال بذكرى وصول أول لبناني إلى غرب كندا عام 1888. فقد بدأ فارس ورشيد الراعي حياتهما المهنية في فيكتوريا وكانا من أوائل العائلات التي استقرت في فيكتوريا والبر الرئيسي السفلي لفانكوفر”، مشيراً الى ان كندا كانت ملاذاً لعدد لا يحصى من العائلات اللبنانية التي طلبت اللجوء هرباً من الحرب والاضطهاد والصعوبات الاقتصادية، فهي لم توفر ملاذًا آمنًا فحسب، بل قدمت أيضًا فرصة لبداية جديدة، وحياة مليئة بالفرص والحرية والازدهار”.

وتابع قائلاً: “قائمة اللبنانيين الناجحين في كندا طويلة، لقد تم إثراء قطاعات القانون والأوساط الأكاديمية والفنون والرياضة وريادة الأعمال، على سبيل المثال لا الحصر، بمساهمات المهاجرين اللبنانيين، علاوة على ذلك، فإن التزام كندا الثابت بالتعددية الثقافية والتنوع قد سمح للجالية اللبنانية بالحفاظ على تراثها الغني مع الاندماج الكامل في المجتمع الكندي”.

واعرب زيادة عن عميق تقديره وامتنانه للنائب لينا دياب على جهودها لاعتماد مشروع قانون في البرلمان الفيدرالي الكندي يقضي باعتبار شهر تشرين الثاني/نوفمبر شهر التراث اللبناني”.

وعن تمثال المغترب قال: “هذا التمثال هو صفحة مشرقة في هذه القصة، إنه شهادة على روح الوحدة الكندية في التنوع، وهو المبدأ الذي جعل هذا البلد مثالاً للعالم، إنه شهادة على الروح الدائمة للمهاجرين أنفسهم والرحلة الرائعة للجالية اللبنانية إلى غرب كندا، لقد كان لدى المهاجرين اللبنانيين الأوائل حسّ تجاري ممتاز، فقد حملوا بضائعهم على ظهورهم وساروا أميالاً لجلب السلع الأساسية إلى المناطق الريفية في جميع أنحاء كندا، لقد ساعدوا في جعل الحياة أسهل للأشخاص الذين لم يكن سهلا بالنسبة اليهم الوصول إلى المتاجر والإمدادات. إنها شهادة على الصداقة التي تربط كندا ولبنان، وهما دولتان تفصل بينهما آلاف الأميال ولكنهما مرتبطتان بعلاقة عميقة ودائمة”.

وتوجه زيادة بالشكر الى القنصل الفخري الدكتور قهوجي قائلاً: “لقد كانت قيادتكم الحكيمة هي القوة التوجيهية التي حوّلت هذه الرؤية إلى واقع، ونحن ممتنون للغاية لجهودكم الدؤوبة. إن تفانيكم في الحفاظ على تراثنا وتعزيزه هو مصدر إلهام لنا جميعًا، كما آنني أقدّر التفاني الذي لا يتزعزع من قبل الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم في بريتش كولومبيا WLCU-BCC ولجميع الأفراد والمانحين والجالية اللبنانية الذين حولت جهودهم ومساهماتهم السخية حلم تمثال المهاجرين إلى واقع رائع. والشكر موصول أيضاً للسفير مسعود معلوف الذي لم يدخّر جهداً لدعم هذا المشروع خلال فترة عمله سفيراً للبنان في كندا. وأود أيضًا أن أشكر حكومة بريتش كولومبيا وبلدية فيكتوريا، إن دعمكم لم يخلق رمزًا جميلاً لتراثنا المشترك فحسب، بل أظهر أيضًا قوة الوحدة والتعاون”.

وختم قائلاً: “أشكرك كندا، على أبوابك المفتوحة. لقد أحدثت فرقًا كبيرًا في حياة الكثيرين، وسوف يظل إرثك في حسن الضيافة والرحمة محل اعتزاز للأجيال المقبلة، تحيا كندا، يحيا لبنان”.

قهوجي

وفي كلمته تحدث قهوجي عن اهمية هذا الحدث قائلاً: “لقد تم اختيار فيكتوريا كموقع للساحة بسبب الأهمية التاريخية للعاصمة، وهي هدية لسكان البلدة كونها تمثل التقدير والصداقة الدائمة بين البلدين”.

وأضاف متحدثا عن الأهمية الثقافية للساحة ومما قاله: “استوحي تصميم المنصة من سباقات الخيول الفينيقية والرومانية، فهي تعبّر عن التراث التاريخي الغني للبنان، تم تصميمها على شكل طابقين، مشابهةً لتقاليد المعابد الرومانية والأطلال في لبنان، والتي غالبًا ما تم بناؤها فوق المعابده الفينيقية.

وتمثل القطع الثلاثة المعروضة الهجرة اللبنانية القديمة، كما بحث فيها الدكتور المرحوم أنطوان خوري حرب. ابتداءً من اليمين:

  1. في الأساطير اليونانية، تم اختطاف الأميرة الفينيقية أوروبا من شواطئ صور ونقلها إلى جزيرة كريت على يد زيوس، إله اليونان. أرسل والدها، الملك آغينور، أبناءه للبحث عنها وأوصاهم بعدم العودة بدونها.
  2. عدة رحلات للناس والبضائع انطلقت من الساحل اللبناني، أسسوا فيها مستوطنات على جانبي البحر الأبيض المتوسط وأبعد من ذلك. وهذا يمثل الفصل الأول في تاريخ الهجرة اللبنانية.
  3. القطعة الثالثة ترمز إلى قدموس، شقيق أوروبا، الذي سافر من لبنان إلى قبرص ثم إلى اليونان وأسس مدينة كادميا (ثيبس) وعلمّ الأبجدية الفينيقية للإغريق.

وتابع متحدثاً عن تسليط الضوء على الهجرة الأحدث حيث قال: “** نجمة الفينيقيين** الموجودة على المقعد، بإطاره المعدني الأسود ومقاعده المصنوعة من قطع خشبية مستطيلة، يستلهم من خط سكة الحديد. بدأت نظام السكك الحديدية اللبنانية في عام 1890، حيث نقل المسافرين من شمال شرق لبنان إلى وادي البقاع وميناء بيروت، بالإضافة إلى ربط المناطق الساحلية الشمالية والجنوبية ببيروت.

يمثل التمثال رواد الهجرة اللبنانية إلى فيكتوريا في عام 1888، بدءًا من رشيد وفارس الراعي، وانضم إليهما أخوهم إبراهيم في عام 1889 وفي المستقبل القريب، ستتاح رموز QR للمسح على القطع الأثرية لاستكشاف التاريخ الغني للفينيقيين والهجرة اللبنانية بمزيد من التفصيل”.

وأضاف أن “المشروع، الذي يجري العمل عليه منذ أوائل العام  2003 مع الرئيس السابق لمجلس الولاية جورج المرّ، لم يبدأ في إحراز اي تقدم مع البلدية، إلا بعد أن أرسل الرئيس جان بدر باسم المجلس في العام 2015 رسالة الى البلدية طالبا موعدا لشرح اهداف المشروع، وبعيد الاجتماع قمت بتوجيه نداء شخصي إلى رئيسة البلدية آنذاك ليزا هيلبس في العام 2016” مستذكراً المحادثة معها “لسنا فقط أربعة إخوة – أربعة أطباء – يريدون أن يقولوا شكراً كندا، هناك 100 ألف لبناني يريدون أن يقولوا الشيء نفسه لكندا”.

وختم قهوجي بالقول: “لقد تم تصميم الساحة، المستوحاة من مضمار سباق الخيل الفينيقي الروماني، من قبل المهندسة المعمارية المقيمة في لوس أنجلوس ماري كلود فارس، التي ساعدت أيضًا في تصميم مركز تعليم الحرف والابتكار في كلية كاموسون. يشار الى ان الشركة الهندسية التي تولت المشروع هي شركة RAM Consulting.

ظريفة

وأعربت ظريفة عن سعادتها بانجاز هذا المشروع الهام ومما قالته: “إنني متحمسة جدًا لوصول هذا اليوم أخيرًا، فالوصول إلى هنا كان تحديًا يعتبر أمرًا أقل من التهميش، لما واجهه من عقبات منذ البداية، مع حصته العادلة من التقلبات ولكن، الصمود والعزيمة التي يشتهر بها اللبنانيون، أوصلتنا الى ما نحن نقوم به اليوم”.

وتابعت متحدثة عن مسار المشروع: “لدي ارتباط شخصي عميق بهذا المشروع حيث أن والديّ اشتغلا كرؤساء سابقين لمجلس WLCU-BCC لولاية كولومبيا البريطانية وشاركا بنشاط في مراحل مختلفة من مشروع تمثال الهجرة اللبنانية منذ بدايته، وهذا يشير إلى المدة الطويلة لرحلة المشروع التي بدأت في العام 2001.

ففي عام 2001، وأثناء اجتماع دولي في المكسيك، كان لوفد WLCU-BCC الفرصة لرؤية تمثال الهجرة اللبنانية. وكان في هذا الوقت للسيد الراحل جورج مر نظرة عن فكرة تثبيت نفس التمثال في فيكتوريا.

في عام 2009، تم تثبيت التمثال مؤقتًا على شارع دوغلاس حتى منحت مدينة فيكتوريا الموافقة على الموقع الدائم.

في عام 2017، حصل مجلس WLCU-BCC لولاية كولومبيا البريطانية على موافقة مدينة فيكتوريا لنقل التمثال إلى هذا الموقع الجميل في حديقة الذكرى المئوية، وتمكّنا من تحقيق هذا الإنجاز من خلال الاتصالات والجهود والتفاني الذي قدمه السيد جورج مر.

وفي أغسطس 2022، تم نقل تمثال المغترب اللبناني إلى ساحة الاغتراب اللبناني في البارك المئوي، وها نحن هنا اليوم! لا داعي للقول إن هذا المشروع استغرق أكثر من 20 عامًا للتحقيق”.

وختمت بالقول: “لعب العديد من الأفراد دورًا في هذا المشروع، ولكن اثنان من المحترفين ماري كلود فارس وزياد بستاني قاما بدور حيوي في تصميمه وتنفيذه. قدم كل منهما رؤاهما المهنية وخبرتهما، وأود أن أطلب منهما أن يتقدما لقبول رمز صغير من تقديرنا.

شكرًا لجميع الذين دعموا وساهموا في نجاح هذا المشروع والذين آمنوا بما يمثله.

شكر خاص للسيدة هيلين مر التي قدمت دعمها الثابت لهذا المشروع وقد تم تقديره حقًا. بالطبع، لم يكن هذا المشروع سيتقدم أو ينجز من دون جهود اللجنة المعنية بجمع التبرعات التي تتألف من الدكتور قهوجي وجان بدر، فمن خلال جهديهما الخاص، نجحا في جمع معظم الأموال، مما ضمن ليس فقط إتمام المشروع ولكن أيضًا تنفيذه بأعلى مستوى من الجودة.

مجلس كولومبيا البريطانية في الجامعة الثقافية في العالم ملتزم بتعزيز الثقافة والتراث اللبناني. نحن محظوظون جدًا لأننا نعيش في بلد متنوع ومتعدد الثقافات مثل كندا، ومع ذلك، من المهم دائمًا أن نتذكر أصولنا وتراثنا.

نتطلع إلى المزيد من الاحتفالات في السنوات القادمة في هذا الموقع، لتعزيز الروابط التي تجمعنا وللحفاظ على تراثنا اللبناني للأجيال القادمة”.

وفي الختام لا بد من توجيه الشكر والتقدير لدولة كندا التي استقبلت ولما تزل تستقبل اللبنانيين بفرح.”

مكارم

وألقى مكارم الذي وصل خصيصا من لوس انجلوس للمشاركة في هذا الحدث المتميز كلمة شكر فيها باسم الرئيس العالمي الدكتور شكيب رمال مجلس بريتش كولومبيا رئيساً وأعضاء على هذا المشروع القيّم الذي استغرق سنوات وسنوات لانجازه مذكّراً بزيارة سابقة قام بها الى بريتش كولومبيا وتحديدا الى بلدية فيكتوريا للتباحث حول المشروع الذي بات اليوم حقيقة ملفتة، وكم انا بغاية السعادة بالوقوف معكم في هذا النهار التاريخي”.

وخنم قائلا: “وفي هذه المناسبة أود أبلاغكم باسم الرئيس رمال عن اتفاق تمّ التوصل اليه فيما بينه والرئيس الشرتوني على توحيد الجامعتين وهو خبر مفرح وددت نقله لكم في هذا الاحتفال، شاكراً للسفير زيادة حضوره ورعايته هذا الحفل كما للحكومة الكولومبية على دعمها لاطلاق هذا المشروع ومشاركتها في الاحتفال”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى