جاليات

الجاويش في قداس الفصح: لو كنتُ هناك ذلك اليوم..

احتفلت الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي بأحد القيامة، وعمت قداديس الفصح في الكنائس والاديار وأقيمت الزياحات. كما ألقيت العظات مشددة على “أهمية هذه المناسبة وما تحمله رسالة قيامة السيد المسيح من معان إيمانية لحياة جميع المؤمنين في شتى بقاع الأرض.

في مونتريال، ترأس راعي أبرشية كندا للروم الملكيين الكاثوليك المطران ميلاد الجاويش رتبة صلاة الهجمة في كاتدرائية المخلص عاونه لفيف من الكهنة في حضور حشد كبير من المؤمنين.
وبعد تلاوة الإنجيل المقدس ألقى المطران الجاويش عظة بعنوان «لو كنتُ هناك ذلك اليوم… » جاء فيها:
“ما إن أقرأ، في إنجيل أحد القيامة، عبارة “في البدء كان الكلمة”، حتّى أتحسّس عظمة هذا اليوم المقدّس. نحن لا نقرأ مقدّمة إنجيل يوحنّا هذه لكوننا نتلو الإنجيل الرابع بدءًا من اليوم حتّى عيد العنصرة فحسب، بل لأيماننا بأنّ القيامة هي سطوع ألوهيّة يسوع سطوعًا مبهرًا، هو “الكلمة الذي كان في البدء عند الله، وكان هو الله”. بالقيامة عاد يسوع إلى ما كان عليه قبل تجسّده، ذلك الإله الأزليّ الأبديّ. لم يَعد “المعلّم” فحسب، ولا “الرابي”، ولا “النبيّ” أو “أحدُ الأنبياء”، ولا “ابن الإنسان”، ولا “ابن داود”… هو الله الكلمة، تمامًا كما كان في البدء. عودٌ على بدء!

ليس يسوع وحده من عاد بقيامته إلى البدء، بل نحنا أيضًا. القيامة هي لنا خَلق جديد. مَن يؤمن بها ويطبّق مفاعيلَها في حياته هو إنسان “طازج” كمَن يخرج لِتوّه من يدي الله الخالق. هي بدءُ إيماننا ووجودِنا وديننا وكنيستنا وأخلاقنا وتشريعنا وتبشيرنا… هي علّة جهادنا وتضحياتنا واستشهادنا ودمائنا وجلوسنا وقيامنا بعد كلّ سقوط… يا له من حدثٍ قلبَ التاريخ وجدّد الإنسان!

منذ صغري يُبكيني فرحًا أحد القيامة هذا، تَدمع عيناي مِن شدّة ما في هذا اليوم من عنفوان وانتصار، كما لو أنّني قياميّ الطبع قبل أن أتصوّر في بطن أمّي.

تساءلتُ البارحة: ترى ماذا كنتُ لأفعل لو كنتُ هناك في أورشليم، في ذلك اليوم العظيم؟

لو كنتُ هناك ذلك اليوم لكنتُ سابقتُ الفجر وأسرعتُ إلى القبر قبل النسوة حاملات الطيب، وقبل بطرس والتلميذ الحبيب… قلبي أرشقُ من قلبهم، المعلّم غائب عن مُقلتيّ من أيّام ثلاثة وقلبي يتلهّف لرؤيته.

لو كنتُ هناك ذلك اليوم لكنتُ تسامرتُ مع الحرّاس وحاولتُ أن أقنعهم بأنّهم يحرسون عبثًا من لا يَضبطُه موت ولا قبر…

لو كنتُ هناك ذلك اليوم لكنتُ ضحكتُ في سِرّي واستهزأتُ برؤساء اليهود الذين أمروا بضبط الحجر وإقامة الحرّاس: مرّةً أخرى فشل أولئك القوم العميان في قتل يسوع وطمس نوره!

لو كنتُ هناك ذلك اليوم لكنتُ جلستُ قرب المجدليّة أنتظر أن يَطلّ سيّدي من قبره بنوره الوهّاج.

لو كنتُ هناك ذلك اليوم لكنت بالأحرى ما ذهبتُ إلى القبر وما تزحزحت خطوة من مكاني… لكنتُ بقيتُ مع مريم العذراء، أنتظر معها عودة ابنها، أبتسمُ بسمتَها الخفيّة، لإيمانها وإيماني بأنّ وعدَ الربّ صادق سيتحقّق لا محالة: “وبعد ثلاثة أيّام أقوم”.

لو كنتُ هناك ذلك اليوم لكنتُ غمرتُ السيّد وما أفلتُه، لكنتُ قبّلتُه فحسب عَلّني أُنسيه قبلة يهوذا الغاشّة… لا حاجةَ لي حتّى أن أرى موضع المسامير أو أن أضع إصبعي في جنبه، لأنّني أؤمن به إيمانًا صلدًا، حجريًّا كحجر قبره المدحرَج: إنّه “ربّي وإلهي”.

المسيح قام حقًّا قام!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى