أخبار لبنان

العبسي في لقاء اغترابي افتراضي : لمحاربة التعصب واعتماد الانفتاح بالعلاقة مع بعضنا البعض ومع الآخرين

ترأس بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي اللقاء الاغترابي الافتراضي الاول الذي نظمته جمعية الروم الملكيين الكاثوليك العالمية، وشارك فيه اكثر من الفي شخص من انحاء العالم  كافة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وحضره اكثر من ستة آلاف.

العبسي
استهل اللقاء العبسي بكلمة قال فيها : “فرحي اليوم لا يوصف لأن هذا اللقاء الفريد يجمع أبناء كنيستنا حيث يقيمون ويسمح لنا أن نلتقي كإخوة وأخوات لعائلة واحدة كبيرة هي عائلة الروم الملكيين الكاثوليك”.

اضاف:” أود في افتتاح سلسة اللقاءات المنوي عقدها أن أتحدث في موضوع يسألني عنه الكثيرون: ماذا يعني لنا اليوم أن نكون أبناء الكنيسة الملكية؟ وكيف يمكننا أن نعيش هذه الهوية الفريدة؟ الجماعات في العالم تعول كثيرا على الوحدة الوطنية ويميل الكثير من الكنائس إلى التماهي بين الكنيسة والوطن فنجد مثلا الكثير من الكنائس تسمى بحسب البلد. لكن هذه الظاهرة هي ليست الأقدم، ففي نشأة الكنيسة، كان الانتماء الكنسي يرتبط بالمدن الرئيسية الكبرى. ونحن كنيستنا ارتبطت بمدينة أنطاكية القديمة حيث دعي الرسل أولا مسيحيين كما يخبرنا كتاب أعمال الرسل. هذا الانتماء الأنطاكي اليوم لا يفهم كارتباط بمدينة معينة لا سيما أن هذه المدينة قد تدمرت عبر التاريخ ونقل مركز البطريركية منها إلى دمشق، لكن يفهم منه ارتباط بالكنيسة الرسولية التي أنشأها الرسول بطرس في أنطاكية وحيث نمت وازدهرت الكنيسة الأولى. ارتباطنا بهذه المدينة هو ارتباط بالشهادة المسيحية التى عاشها أباؤنا في تلك المدينة”.

تابع :” ربما يظهر أنه من الأسهل أن ننتمي كجماعة مسيحية إلى وطن واحد ولكن الانتماء إلى أنطاكية الرسولية له بعد أعمق إذ إنه ارتباط بكنيسة أسسها الرسل وبذل الكثير من الشهداء دمهم لكي تنتشر المسيحية فيها. إن أنطاكية هي مدينة القديسين والمعلمين الكنسيين فمنها خرج القديس أغناطيوس والقديس يوحنا الذهبي الفم وسمعان العامودي وأفرام السرياني وغيرهم الكثيرون ممن تركوا الأثر الكبير في تعليم الكنيسة العقائدي والروحي”.

واشار “ان كنيستنا الملكية هي ابنة العائلة الأنطاكية وقد اختارت الوحدة مع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية سنة 1724 لكن هذا الحدث أدى للأسف إلى انقسام في داخلها فأصبح لدينا كنيسة الروم الأرثوذكس وكنيسة الروم الكاثوليك. إن هذا الانقسام لم يحبطنا بل دفعنا لنسعى إلى تقريب وجهات النظر من أجل بناء وحدة الكنيسة. إن الوحدة التي بنيناها مع كنيسة روما نتجت عن رغبة عميقة، كانت دائما حاضرة في أنطاكية، بتوحيد كنيسة المسيح ونزع الانقسام والشرذمة، كانت ناتجة عن قناعة بضرورة وضع حد لحائط الانقسام وبناء جسر للقاء بدل منه، من ضرورة تقريب وجهات النظر المختلفة وخلق حوار ينتج وحدة واتحادا. لا زالت هذه الرغبة وهذه القناعة حاضرة في قلب أبناء وبنات الكنيسة الملكية اليوم. فالهوية المزدوجة التي ننشأ عليها، أعني الانتماء لكنيسة أنطاكية من جهة والاتحاد مع الكنيسة الكاثوليكية من جهة أخرى، تجعل منا جميعا سعاة لبناء الجسور ومد أواصر التواصل في العالم. تجعل من أبناء كنيستنا دعاة حقيقيين للانفتاح وللتعرف على الآخر، ليس فقط للقبول به بل لمصادقته ولمساعدته ولبناء أخوة حقيقية معه”

وسأل :” ماذا يعني أن نكون أبناء الكنيسة الملكية اليوم؟ يعني هذا الأمر قبل أي أمر آخر أن ننبذ التعصب بكل أشكاله. فالتعصب هو فخ يقع فيه الفرد بحيث يصبح آلية تفكيره وفهمه للواقع ولعلاقته مع الأشخاص. في البداية أتعصب لديني، ثم لطائفتي، ثم للبلد الذي أنا فيه أو الذي لي فيه جذور، ثم ضمن البلد الواحد التعصب بين أبناء الريف والمدن، بين أبناء الجبل والساحل، بين أبناء الشمال والجنوب، ثم ضمن المنطقة الواحدة يبرز التعصب لأبناء أسرتي الكبيرة، وحتى ضمن الأسرة يكون التعصب لأقارب على حساب أقارب. إن التعصب هو رغبة الإنسان أن يبني علاقة مع الذي يشبهه، مع الذي يفكر مثله، مع الذي يعكس صورته الذاتية. إن التعصب هو أنانية مقنعة تتغطى بالعلاقة مع الآخر. لكن أي آخر؟ إن نهج التعصب هو نهج مدمر للعلاقات لأنه بالإضافة لكونه غير عقلاني يمنع الإنسان من أن يتعرف حقيقة على الإنسان المختلف عنه ويمنعه بالتالي من النمو. لأن النمو لا يتم إلا بالخروج من الذات، أي بالانفتاح على الآخر، لا بانفتاح أفقد فيه هويتي بلب انفتاح أغني به هويتي انطلاقا من الغنى الذي لدى الآخر”.

وتابع :” ان نكون أبناء الملكيين اليوم يعني أن نكون دعاة الانفتاح على الآخر المختلف عني، أكان من خارج أسرتي، ومنطقتي، وطائفتي وديني وبلدي الأم. إن التقوقع في التطبيق أسهل لكنه عقيم ولا يولد غنى. وتراث كنيستنا وما تركه أباؤنا يقوم على رفض التقوقع وعلى بناء جسور مع الآخر وعلى الذهاب إلى الآخر لكي ألتقي معه، أعرفه ولكي أغتني بما لديه. وصيتي لكم اليوم، في خط قداسة البابا فرنسيس والكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية اليوم أكثر من أي وقت مضى، هي محاربة التعصب واعتماد الانفتاح بالعلاقة بعضنا مع بعض ومع الآخرين”.

البخاش
بدوره اشار رئيس الجمعية البروفسور يوسف البخاش الى ان” هدف الجمعية هو خلق تواصل بين كل المجتمعات المتواجد فيها روم ملكيين كاثوليك من دول المشرق العربي الى دول الاغتراب والانتشار والعمل على تثبيت انتمائنا مع الجذور المشرقية في كل من لبنان وسوريا والاردن وفلسطين ومصر وتشجيع اولادنا للمحافظة على هذا التراث وان يعيشوا ضمن هذه العائلة الكبيرة التي هي كنيستنا الام الحاضنة للجميع “.

اضاف :” حان الوقت لتأسيس عائلتنا الملكية الكبيرة من المشرق العربي الى كل دول الاغتراب والقارات السبع بهدف اللوبي الرومي الملكي ليكون المرجع المعنوي لكل رومي ملكي اينما وجد وحتى نحافظ على قيم ومبادىء كنيستنا ونؤسس لاولادنا وللاجيال القادمة”.
بتواصلنا وبالعمل يد بيد نعزز كنيستنا”.

وختم :” هذه الجمعية الرومية الملكية العالمية هي جمعيتكم ومن خلالها نوحد جهودنا  تحت بركة سيدنا البطريرك لكي نكون اقوى ونساعد الضعيف والمحتاج أن يقوى كما أن نساعد الناجح لكي يلمع أكتر لانه هو فخر لطائفتنا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى