نيكول عبد المسيح: معاً لتحويل المأساة من أقوال الى أفعال ومعاً نخلص اطفال لبنان من براثن الجهل
“ما فينا نعمّر بلد من دون ما نعلّم ولد”، شعار أنطلقت منه نيكول عبد المسيح، رئيسة جمعية fondation LCF في تعاطيها الإنساني مع الوضع المتأزم في لبنان جراء الإنهيار التام الذي يُعانيه، لا سيما بعيد انفجار المرفأ في الرابع من شهر آب الماضي والذي لا تزال آثاره التدميرية واضحة المعالم على البشر والحجر على السواء.
وأمام هذا المشهد الحزين، وتداعياته المقلقة لناحية هجرة الكثير من الأطباء والعاملين في الحقل التمريضي والذين انضم إليهم مؤخراً الأساتذة والمعلمات، تحرّكت الناطقة باسم الجمعية السيدة عبد المسيح من خلال جمعيتها ومن انضوى تحت لوائها، وتزامناً مع الذكرى الأولى لمجزرة المرفأ، إلى جمع التبرعات التي من شأنها أن تساعد أطفال لبنان على متابعة تحصيلهم العلمي.
وحول مشروعها الإنساني والكثير مما سبقه، التقينا عبد المسيح في حديث تناولنا فيه مبادراتها الإنسانية منذ ما قبل جائحة كورونا وحتى يومنا هذا، بدأته بالقول: “لقد دق ناقوس الخطر الجدّي والفعلي في لبنان، فبعد هجرة الطواقم الطبيّة ها قد جاء دور الكادر التعليمي، وهذان الركنان، الطبابة والتعليم، هما خط أحمر لا يجوز المساس بهما لأنهما أساس المجتمعات الصالحة. من هنا جاءت حملة 4 آب التي أطلقنا عليها le 4 Aout on donne pour sauver l’education des enfants du Liban والتي أردنا من خلالها تحويل المأساة من أقوال إلى أفعال، لا سيما وأننا نؤمن أنه بتشابك أيدينا وبعطاء ولو على قدر فلس الأرملة يمكن أن نغيّر ونساعد وأحياناً نعمل… المعجزات”. وتابعت تقول: “في الماضي، كنا نجمع الأموال للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، أما اليوم، فكل أطفال لبنان باتوا من ذوي الحاجات الخاصة، إذ لم يعد بامكاننا التمييز ما بين الاحتياجات الجسدية الخاصة وتلك الإجتماعية والإنسانية أيضاً الخاصة”.
كثيرة هي الحملات التي قامت بها جمعية LCF الإنسانية، وصحيح أن أولويات أهدافها التربية والتعليم إلا أن ما حصل في لبنان قلب الموازين رأساً على عقب وباتت أنواع المساعدات متاحة وعلى أنواعها. “آلمنا ما آلت إليه الأوضاع في بلادنا من جوع وفقر وحرمان، فأطلقنا حملة رمزية شعارها “تبرّع بثمن ربطة خبز” استطعنا خلالها ان نجمع حوالي 30 ألف دولار من كل المقاطعات الكندية ودول أخرى أرسلناها إلى جمعية St Vincent de Paul التي قامت بدورها بشراء الخبز وتوزيعه على العائلات في كافة المناطق اللبنانية ودون أي تمييز يذكر، ويومها صُودف أن تزامن العطاء مع حلول شهر رمضان المبارك فتم توزيع الخبز بشكل يومي على عائلات طرابلسية لنؤكد للجميع أن الإنسانية لا تحتاج إلى عرق أو لون ولا إلى دينٍ أو مذهب إنما ما تحتاجه هو روح الإنسان فقط لا غير”. وتابعت تقول: “من الحملات التي أطلقناها تلك التي أفضت لشراء أجهزة كومبيوتر لزوم أطفال مؤسسات St Vincent de Paul و Afel لمساعدتهم في متابعة دروسهم عن بعد، وأطفال Sesobel لمساعدتهم وضمن برامج متخصصة، على متابعة تمارين العلاج الفيزيائي (physiotherapie )الخاصة بأوضاعهم الصحية، كما أطفال الـ Irap لمساعدهم في دراستهم من خلال برامج مخصصة للصم والبكم. وقد نجحت الحملة في رسالتها والحمد لله”.
لم يكن الغذاء، التعليم، الطبابة، الأمور الانسانية الوحيدة التي اهتمت الجمعية باعطائها حيزاً هاماً من اهتماماتها، فلإصلاح البيوت المتضرّرة جراء الإنفجار حصة لا بأس بها معها، لاسيما بعد تلقي الجمعية بشخص عبد المسيح الكثير من الإتصالات من لبنان تناشدها المساعدة، فأطلقت حملة أخرى لترميم واصلاح البيوت المتضررة جراء الانفجار الآثم، جمعت خلالها ما ساهم باصلاح وترميم 11 شقة اهتمت جمعية سان فنسان دو بول بتنفيذها وذلك على امتداد المنطقة الممتدة من مار مخايل وصولاً إلى عين الرمانة ودائماً دون أي تمييز طائفي أو مذهبي يُذكر.
وفي سؤالنا عن مدى اهتمام الجالية اللبنانية بهذه الحملات وتعاطفها، أجابت: “لقد أستطعنا من خلال جمعية LCF أن نخلق عائلة جميلة ليس فقط في مونتريال، انما خارجها ايضاً، تصوّري لقد قدمت لنا إحدى السيدات الصابون المعد ك cadeau de retour في حفل زفاف تسببت جائحة كورونا بإلغائه، متمنية علينا بيعه لتكون أمواله كنوع من الدعم في حملاتنا الانسانية الى لبنان ومثلها الكثير، ممن جمعتهم الغيرة على ابناء الوطن من خارجه كما الداخل، كمثل الرسامة التي قررت المساهمة بأربع لوحات من مرسمها لتصب عائدات بيعها في اطار المساعدات التي نقوم بها، وقد أصرت على اتمام رسالتها حتى بعد انفجار المرفأ الذي هدم قسمًا كبيرًا من بيتها.
وفي هذا الاطار، تحدثت عبد المسيح عن معرض اللوحات الافتراضي الذي تهتم به جمعيتها منذ ما بعد انفجار المرفأ ولليوم حيث قالت: “سبق ان وضعنا اعلانًا نسأل فيه الرسامين مشاركتنا بحملة التبرع الى لبنان من خلال تقديم لوحة فنية نقوم ببيعها لهذه الغاية، وكم كانت سعادتنا كبيرة بهذا الكم من التعاطف اذ فاق عدد اللوحات المقدمة المئة بما فيها لوحات رسامة لبنان الناجية من الموت ولا زلنا نعمل على بيعها وارسال الاموال دائما لمساندة أطفال لبنان، الذين ولأجلهم سنعمل دون ملل او كلل”.
وفي الختام أصرّت عبد المسيح انها تحرص كل الحرص عل اعطاء وصل ضريبي لكل متبرع حرصًا منها على اعطاء كل ذي حق حقه، موجهة ما يشبه النداء لكل لبنانيي الإغتراب تدعوهم للمساهمة في حملة 4 آب التي من شأنها أن تساعد في رفع الغبن عن أطفال لا ذنب لهم في هذه الحياة إلا أنهم وُلِدوا في بلاد هي جنة الإنسان ومقبرته على السواء، مؤكدة أن اليد الواحدة لا تستطيع التصفيق لوحدها واليدان الاثنان يحتاجان الى كتف ليشعران بالدعم والقوة، هكذا نحن بحاجة لبعض لنستطيع الوقوف من جديد.
وخلصت الى القول “ان العالم برمّته يعتقد لا بل مؤمن بعذاب اللبناني في أرضه، لكن، وللأمانة أقول: إننا كلبنانيين منتشرين نشعر بالعذاب الأكبر والمضاعف، عذاب الفراق وعذاب الشعور بالتقصير رغم ما نقوم به. عسى الله يُخلص شعبنا ويُريحه من هذه الآلام”.
https://www.lcfenfants.com/shop/l-art-en-cadeau-art-as-a-gift/3