ثلاثة عومل تدعم تحسن الاقتصاد الصيني
يعاني الاقتصاد الصيني من ضعف في قطاع العقارات وتباطؤ في الطلب الاستهلاكي. ولكن على الرغم من ذلك قد تشهد البلاد زيادة في النمو هذا الخريف، حسبما تقول كبيرة الاقتصاديين في الصين لدى غولدمان ساكس هوي شان، الذي أشار إلى التخفيف المالي والزخم القوي للصادرات، علاوة على تقلص المخاطر المتعلقة بالطقس كأسباب قد تدفع بتغيرات إيجابية في مستقبل البلاد.
وقالت شان في مذكرة، الأحد إن هذه العوامل (الثلاثة) مهمة بينما تستمر الصين في استهداف نمو بنسبة 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.
وأضافت: “نعم، تباطأت الأنشطة في يونيو-أغسطس، وارتفعت المخاطر السلبية لتوقعات النمو في الربع الثالث، ولا يزال الاقتصاد الصيني يواجه عديداً من التحديات العميقة.. ومع ذلك، نتوقع أن يرتفع النمو في بقية العام بينما تسعى الحكومة لتحقيق هدف الناتج المحلي الإجمالي الذي حددته في بداية هذا العام، والذي يبلغ حوالي 5 بالمئة”.
ثلاثة عوامل رئيسية
يقود التوقعات الإيجابية جزئيًا التخفيف المالي المتسارع في البلاد، حسبما قالت شان. وقد ازداد التخفيف المالي في الأسابيع الأخيرة، ومن المحتمل أن يساعد في تأمين هدف النمو المستهدف، وفقًا لما ذكره المحللون في مذكرة سابقة.
يظل زخم الصادرات في الصين قويًا، حيث يتوقع محللو غولدمان زيادة بنسبة 7 بالمئة في صادرات الشهر الماضي مقارنة بالعام السابق. ومع ذلك، يتوقع بعض الاقتصاديين تباطؤ نمو الصادرات في أغسطس إلى 6.5 بالمئة، وفقًا لاستطلاع أجرته رويترز.
المخاطر المتعلقة بالطقس الصيفي في البلاد من المرجح أن تتقلص، مع ظهور دليل على عكس الضعف المرتبط بالطقس في تتبع جولدمان ذو التردد العالي.
مع تراجع هذه المخاطر، قد يحصل قطاع العقارات الذي يواجه صعوبات في الصين على دفعة ضرورية. وأظهرت البيانات الصادرة الشهر الماضي أن استثمارات الصين في الأصول الثابتة نمت بنسبة 3.6 بالمئة على أساس سنوي في النصف الأول من العام، وهو أقل من التوقعات التي كانت 3.9 بالمئة، حيث تباطأ الاستثمار في البنية التحتية بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات.
بيانات قاتمة
تأتي هذه التوقعات الإيجابية لنمو الاقتصاد الصيني بعد أشهر من البيانات القاتمة، التي غذتها مبيعات العقارات المتدنية وبدء المشاريع في السنوات الأخيرة حيث لا يزال جزء كبير من إمدادات الإسكان المتاحة في البلاد غير مأهول.
من ناحية أخرى، أثارت طلبات المستهلكين في الصين علامات تحذيرية حيث يظل الإنفاق الاستهلاكي ضعيفًا رغم ارتفاع دخل الأسر. نمت مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية بنسبة 2 بالمئة على أساس سنوي في يونيو، ولكنها ارتفعت إلى 2.7 بالمئة في يوليو.
كما واجه قطاع التكنولوجيا في الصين أيضاً رياحاً معاكسة، حيث تباطأ نمو الأرباح إلى أدنى مستوى له منذ عام 2022.
توقعات متفائلة نسبياً
من جانبه، قال خبير الشؤون الاقتصادية الصينية، جعفر الحسيناوي، إن التوقعات الأخيرة أظهرت أن النمو الاقتصادي للصين قد يتجاوز التقديرات السابقة، وقد يصل إلى 5.2 بالمئة في العام 2024، موضحاً أن هذا التحسن يأتي بفضل مجموعة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الصينية والتي أعادت الثقة في الاقتصاد الوطني بعد فترة من التباطؤ والانكماش في الاستثمارات الأجنبية.
وأضاف الحسيناوي أن الإجراءات الرئيسية التي أسهمت في هذه التوقعات الإيجابية نسبياً تشمل:
التحفيز الحكومي القوي: البيانات الإيجابية والتحفيزات المالية أدت إلى تصاعد التوقعات الإيجابية للنمو الاقتصادي الصيني.
استمرار الحكومة في الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، خاصة مع اقتراب إكمال عديد من مشاريع مبادرة الحزام والطريق، وهو الأمر الذي كان له تأثير كبير على تعزيز النمو.
كجزء من سياسة التحفيز، قامت الحكومة الصينية بتخفيض أسعار الفائدة، مما ساعد على تحفيز الاقتصاد.
قدمت الحكومة دعمًا كبيرًا للمطورين العقاريين الذين أعلنوا إفلاسهم، بما في ذلك قروض ميسرة بمعدلات فائدة منخفضة. في هذا السياق، قدم البنك المركزي الصيني مبلغًا قدره 42 مليار دولار أميركي لهذا القطاع.
قامت الحكومة بشراء مباني غير مباعة، مع تخصيصها لذوي الدخل المحدود، مما أسهم في تنشيط القطاع العقاري.
تم تعزيز الدعم للقطاع الصناعي، الذي يمثل نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي للصين، مما ساعد في تحقيق استقرار أكبر في الاقتصاد.
وأكد الحسيناوي أن هذه السياسات قد أحدثت تحولًا إيجابيًا في الاقتصاد الصيني، مما يعزز التوقعات بنمو أقوى مما كان متوقعًا في البداية.
تحديات على الطريق
وإلى ذلك، أشار رئيس الأسواق العالمية في “Cedra Markets”، جو يرق، إلى أن الاقتصاد الصيني يعاني منذ العام 2023 من انكماش ملحوظ في القطاع الصناعي، نتيجة للتضخم الذي بدأ منذ العام 2022. وأوضح أنه رغم تحسن تضخم أسعار المستهلك نسبياً، إلا أن تضخم أسعار المنتجين لا يزال يواصل تأثيره السلبي على الاقتصاد الصيني.
وأوضح يرق أن القطاع العقاري هو السبب الرئيسي في هذه الأزمة الاقتصادية، حيث شهدت بعض الشركات العقارية الكبرى إفلاسًا، مما أجبر الحكومة الصينية على اتخاذ خطوات لتخفيف الضغوط الاقتصادية من خلال خفض أسعار الفائدة القصيرة والمتوسطة وطويلة الأجل. ومع ذلك، لا يزال الاقتصاد يعاني من تحديات كبيرة.
وتتضمن الخطط الحكومية المقترحة إعادة تنشيط الاقتصاد بهدف تحقيق نمو بنسبة 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو هدف يبدو بعيد المنال في الوقت الراهن. وتشمل هذه الخطط إعادة جدولة الديون العقارية التي تبلغ نحو 5.3 تريليون دولار بفوائد مخفضة، بالإضافة إلى تقديم حزم تحفيزية إضافية. يواجه المستهلكون والمستثمرون الصينيون مشكلة في الثقة وضعف النمو بسبب قلة الاستهلاك.
وأضاف: “في ظل هذا الوضع الصعب، لجأ المستثمرون الصينيون إلى الذهب كملاذ آمن للتحوط ضد المخاطر الاقتصادية”، مشيراً إلى أن البنك المركزي الصيني والمستثمرين كانوا يتجهون إلى الذهب على مدار الـ 18 شهرًا الماضية. وبالتالي، فإن الحكومة الصينية مضطرة لاتخاذ إجراءات إضافية مثل تخفيض الفوائد وتقديم حزم مالية لدعم القطاع العقاري وإعادته إلى مساره الطبيعي.