جاليات

“ام الكل” حكاية حب لا يمحوها الفراق

لا، لا، لم ترحل ماما فيلومين، انها نائمة في حضن الوالدة العذراء، ترتاح من تعب السنين، من ألم الماضي، من جراحات الحرب والمآسي، من الخوف على مستقبل وطنها الام وعلى وعلى

لم ترحل كما تعتقدون، فالكل لما يزل في انتظار ابتسامتها العذبة، مسبحتها التي لم تفارق يديها المتعبتين، ازهارها العاشقة لصوتها ورائحة عطرها الفتّان، الاحبة التواقون لتحية الصباح والمساء، اولادها النبض الحي في شرايين قلبها المفتون بالصدق والحب وكلمات الامل المفعمة بالصلاة واعطر الهمسات

ام الكل، هو لقبها وهكذا هي كانت، والدة حنون لكل من عرفها وجاورها وحتى حادثها، ولها بالطبع يليق هذا التوصيف، كيف لا وهي الحكيمة القديرة في تدبير امور الدنيا البسيطة منها والثقيلة، والمثال الذي يحتذى به في التقوى والايمان والمدرسة التي لا تنضب دروس عطاءاتها ومساندتها لمحبيها وكل معارفها

وتتساءلون اين وريثة ايوب الصابرة على كل الوان المحن والعذاب والوحدة؟ انها هناك حيث لا وجع ولا تعب ولا ارهاق، حيث الفرح الابدي مع حبيبها يسوع هي التي من اجله باركت لابنتها الاخت جاكي تكريس حياتها له هو الابدي السرمدي الذي لا حدود لحبه ولا لتفانيه، انها الى جانب من نذرت نفسها من اجل رحمتها الواسعة دون شروط او قيود أمنا العذراء وانها هنا في قلوب اولادها واولادهم واحبتها والاصدقاء

ماما فيلومين خميرة من عطاء لا ينضب، سيدة يشهد لها بين النساء، ترمّلت باكرا، حضنت اطفالها الست بألم مسكون بالامل، تحملت، صبرت وحده الرب يسوع كان رفيق جلجلتها على مدى السنوات الطويلة الى ان انبلج فجر جديد مع اشتداد عود ابنائها لتعود وتنصرف الى اكمال مسابحها وصلواتها التي اشبعتها تضرعات وتضرعات لهذا العالم الذي لا يشبع

ماذا اقول عنها بعد؟ كل الكلمات لا تفيها حقها بالحق فهي الملجأ الذي يلوذ اليه احبتها في أوقات الفرح والحزن، الحضن الهادئ كل مرة احتاجها احدهم في نصيحة أو تشجيع. لم تبخل يومًا بوقتها أو جهدها، بل كانت دائمًا السند الذي يقف بجانب اولادها، والأمل الذي يضيء لهم الطريق عندما يشتد الظلام.

اخاطبك ماما فيلمون فهل تسمعين؟ انت يا من كنت رمزا للصبر والتحمل، يا من زرعتي في قلوب جميع من احبك الفرح رغم الصعوبات، رحيلك يا ملاك عائلتك ترك فراغًا لا يمكن أن يملأه شيء، ولكن ذكراك ستظل تعيش في القلوب، فهي الحاضرة دائمًا بحبها وتضحياتها.

ام الكل، ستبقين دائمًا في دعائنا، نستلهم من قوتك وحبك، ونسأل الله أن يتغمدك بواسع رحمته، وأن يجعلك في أعلى مراتب الجنة.

والى ان نلتقي سأبقى اردد

صباح الخير يا أمّي……
صباح القهوة التي تفتقدك كلّ صباح
صباح الابتسامة التي انهكها البحث عنك
صباح القلق… والشرفات…. والدعاء… في رحلة الانتظار كلّ مساء… وكلّ صباح…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى