مناسبات

أسامة ابو شقرا

باحث في شؤون الدين والتاريخ واللغة، أديب وكاتب

ناديا… أصبحت أقرب إليّ من أمي وأختي

وأنا…… غدوت أقرب إليها من أبيها وأخيها

هذا هو الحب…. الحقيقي

يوم توافقنا، ناديا وأنا، على الزواج، كان ذلك بعدما تعارفنا واقتنع كلٌّ منا بأنّه وجدَ ضالّتَه في الآخر. وكان العقلُ أساسَ ارتباطنا. وبعد مضيّ بضعة أشهرٍ، زادَ شعورُ الحبِّ الذي ملأَ قلبينا، عُرى ذلك الارتباط توثيقًا؛ فأصبحتْ هي أقربَ إليَّ من أمّي وأختي، وغدوتُ أنا أقربَ إليها من أبيها وأخيها.  وبعد هذه العقود الخمسة لم أجد وصفًا، لما يربط بيننا، أفضلَ من قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}. فهيَ سكنٌ له وهو سكنٌ لها. وفي هذا السكون، الهدوءُ والراحةُ والطمأنينةُ والأمانُ، جسديًّا ونفسيًّا. وكل ذلك في كنفِ المودّة والرحمة. وهل يحتاج الإنسان لأكثر من ذلك؟

إنَّ رحلة العمر ليست نزهةً دائمة، ففيها يذوق الإنسانُ الحلوَ والمُرّ. وهي أيضًا صراعٌ دائمٌ في سبيل البقاء. وكي يتمكّن أحدنا من الحصول على ما يقيه شظفَ العيش، عليه أن يكون أقوى من أن تتفوّق عليه صعابُ ذلك الصراع. وعلى الرُّغم من ذلك، ومن هجراتنا القسرية، التي سبّبها ما نزل بلبناننا من أزماتٍ ومصائب، جرّاء ما حدث فيه إبّان مسيرتنا على دروب هذه الحياة، فقد كانت رفيقتي، ناديا، عمادَ أُسرتِنا الصلبَ الصبُورَ. فبالصبر والمحبّة والتعاضد والإرادة الصادقة، وبأيدٍ متماسكةٍ، تمكنّا معًا من اجتياز ما واجهنا من العقبات، ومن التغلبِ على المصاعبِ. أمّا عن حياتنا الخاصة، فلا أدعي بأنّ تلك السنوات كانت شهورُها وأيامُها “عسلًا” صافيًا، بل كان من الطبيعي أن نتعرض كغيرنا لأزمات عاصفة، ولكن، وبمثل ما استطعنا أن نتخطّى تلك الصِّعاب التي سببتها الأزمات والأحداث الخارجة عن إرادتنا، فقد تمكنّا أيضًا من عبور أنفاق أزماتنا العائلية بسلام. متبعين مبدأ: إن كان السعي وراء الرِّزقِ واجبٌ، فرعاية العائلة أوجب.  وهذا كلّه من نعم الله وفضله، فالحمد والشكر لك يا إلهي.

إنّ في تخصيصِ أحد أيام السنة عيدًا للحبِّ، خطيئةً بحقِّ هذا الشعور السامي الذي خصّ الخالقُ به قلوبنا. فالواجب علينا أن نعيش بالحبّ كلّ ثانيةٍ من أيام حياتنا. ولكنّ هذه النزعة المادية التي أعمت العقول والقلوب، لم تدعْ أيّ مناسبةٍ من دون استغلالها تجاريًا، بما فيها الأعياد الدينية، التي عِوضًا عن أن تُخصّص دقائقُها للاتعاظ من معانيها الروحيّة، فقد أصبحت مناسباتٍ محض مادية. ولذا لم نتبادل الهدايا يومًا، أنا وزوجتي، في ما يسمّى “عيد الحب أو عيد العشاق”.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى