مناسبات

د. سامي عون: اللبنانيون الكنديون على عهدهم الدائم بالعمل الجاد لإعمار كندا

استاذ كرسي، كلية السياسة التطبيقية في جامعة شيربروك، مدير مرصد الشرق الاوسط وشمال افريقيا في جامعة كيبيك

يوم كندا هذا العام ممزوج على غير المألوف بمراره وغضب إذ انها ارتكبت خيانة لقيمها و مثلها العليا التي أرست عليها مجتمعاً رائداً ديمقراطياً  ليبرالياً يحلو فيه العيش والمقام،فالأذية التي أصابت أطفال السكان الأوائل هي مصاب جلل نالت حقاً من هيبة كندا.

لذلك يتوجب على كندا نخباً وفاعليات في الدولة والهيئات الدينية والمدنية ان تعمل على جلاء الحقائق و المسارعة دون تلكؤ ولا مواربة الى الاعتذار تكراراً من السكان الأصليين ومراجعة مقاربة أوضاعهم وتصويبها وطلب المغفرة. وان فعلت كندا ،وهي ستفعل حتما ،ستقدم مثالاً لتجاربها فيه بقية الحضارات والدول و الكيانات التي ذاكرتها مثقلة بويلات الابادة والتهميش وتمارس العنصرية الفجة  الوقحة،وهكذا تعيد التألق لهوية كندا وهي فخر مؤكد بما تعنيه من أولوية للحرية الفردية التي تتقدم على حرية الجماعة  والمساواة بين المواطنين و يشمل مساواة الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات  دون نقصان وفق شرعتين لحقوق الإنسان في كندا وفي كبيك  وهذه من الاكثر‏ رقياً في المعمورة وحتى في بوتقة الدول الديمقراطية الغربية.

و بالرغم من الانتكاسات والإخفاقات فان الديمقراطية الكندية تنجح في أغلب الحالات على الوقوف بعد كبوتها و تثبت الألفة ما بين مواطنيها في محراب الحرية وتحت قوس  العدالة على قاعدة محورية الكرامة الإنسانية.

وفي يوم كندا لا بد من تكثيف الحوار الوطني والتمسك بالمقتضيات الدستورية وثقافة التسامح والمكاشفة و إحقاق حقوق الإنسان وحماية منجزات كندا في مجال إقامة دولة الحق والقانون و العلمانية الضامنة لحرية الوجدان والضمير  والحق بالايمان من عدمه وتغيير المعتقد لقطع دابر العنف العرقي الاستعلائي والتطرف الديني الظلامي.

وشرط ذلك كله ان تواصل نخب كندا وأهل القرار فيها تطبيق النقد الذاتي لأدائها في الحكم الرشيد وضرورة محاسبة النفس قبل محاسبة الآخرين ،إلا إن أخطاء كندا و خطاياها هذه  تعني أن المواطن الكندي مدعو حكماً وبإلحاح  إلى مواصلة الالتزام والعمل الجاد ‏لترقية المجتمع وتقريبه من المثل العليا المؤسسة للكيان والمنصوص عليها في مواثيقها وعقدها الأجتماعي والناظمة للمواطنة المعمول بها في إطار دولة الحق والقانون والديمقراطية الليبرالية التي أثبتت ‏أنها النموذج الأفضل لإدارة التعددية العرقية والدينية والطائفية كما أنها النموذج الأرقى في تأطير  التنافسات الأيديولوجية والعقائدية والفكرية خدمة للخير العام ، رغم العثرات لابد من أن نعمل جميعا من أجل أن تبقى كندا ملاذا للاجئين والمهمشين ‏ وان تبقى في صدارة الأمم اقتصاداً وصناعة وتجارة وعلماً وابداعاً ثقافياً.

و لبنان في مئويته كما كيانات مشرقه في خضم نزاع مرير لصون دولته و كيانه و استعادة مقومات ازدهاره  ولهذا يبقى الكنديون اللبنانيون على عهدهم بالعمل الجاد على إعمار كندا والحرص على هناءة عيشها والمشاركة في تعزيز علاقاتها مع وطن الأرز  الذي  يصارع الهوان  ويقاوم مخاطر اضمحلال معناه  وفرادته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى