جاليات

عايدة صبرا في “كرز” تعالج العنف الاسري بمونودراما فرنسية في مونتريال

أطلت “أم كرز” وفي اطلالتها انتفاضة على الاف القصص المدمرة للحياة العائلية لعل اهمها وابرزها ذاك الضيف الثقيل ،”العنف الزوجي “بكل اشكاله والوانه والتداعيات التي يتركها على الشخصية التي تدمرها من الفاظ نابية وضرب مبرح وما غيرها..

وأطل الكورال منشدا مقاطع من نشيد الاناشيد من العهد القديم باصوات ذكورية تمثل الصوت الذي كانت تشتهيه وتتمنى المرأة سماعه من حبيبها،وانثوية وهو التكملة لصوتها بكل ما فيه من حب وأنين وأحساس.

هي عايدة صبرا وهو مسرحها وحدها، بكل كلماته ونصوصه وقضاياه،من ساحته نقلت الينا اهم الرسائل واعمقها وبلغة صحيح انها الثانية بعد لغتها الام في دائرة معارفها الا انها استطاعت وبكل جهد ان تتفوق على نفسها ولساعة ونصف من الزمن تاركة لمخيلة الحضور الانسياب الهادف الى القضايا المطروحة في نصوصها العديدة.

و”كرز” هي المسرحية التي قامت ببطولتها المبدعة عايدة صبرا، فنانة كل الفصول، في المركز الثقافي بمونتريال (كندا)، من كتابة  واخراج  عليا خاشوق ،تدريب الفرقة يارا صبري وباكورة اعمال “مؤسسة حي حاتم علي للفنون”.

تتناول المسرحية وهي من النوع المونودراما قضية العنف الزوجي والتأثيرات النفسية للعنف بين الشريكين كما تطرح العديد من الاسئلة حول علاقة المرأة بنفسها وخياراتها وهشاشتها تجاه شريكها الرجل، متوقفة عند مسببات العنف ومسؤولية الاثنين، المعنف وهو الزوج، والمعنفة وهي المرأة السامحة بسكوتها بهذا التعنيف وصولا الى المجتمع الذي يمكن اعتباره احد شركاء هذه الجريمة البشعة.

عن المسرحية تقول صبرا “هي الصوت الداعي الى التحرر من عبودية الخوف ،هي دعوة صريحة لفتح نقاشات دائمة بين الزوجين التي ومن المؤكد انها ستؤدي الى تسوية الخلافات فيما بينهما حتى يستطيع الاطفال ان ينعموا بحياة لائقة. تتكون  المسرحية من مجموعة قصص لسيدات معنفات من قبل ازواجهن، شرقيات وغربيات، جمعتها عليا وسردتها بشكل جميل ومؤثر عن هذا الموروث من أمها وجدّتها، حيث انه من غير الضروري أن يكون العنف دائما بالضرب، فمن الممكن أن يكون بالمعاملة السيئة والتحقير والقمع، وهذا كان نمطًا طبيعيًا وموروثًا من الجدة للأم للابنة، ومن الشرق للغرب، فهنا أيضًا يوجد عنف.

لماذا اللغة الفرنسية سؤال وجهناه الى صبرا التي اجابت “اعتمدنا  اللغة الفرنسية لاننا نتوجه الى حضور من كل الإثنيات ومن الكنديين، فما يهمنا ليس فقط المشاهد العربي انما المشاهد الكندي ايضا، ليتعرّف على مسرحنا وعلى فكرنا وستكون وسيلة للتواصل كي نقترب من بعضنا البعض. علينا أن ننفتح على الجاليات الاخرى وعلى الكنديين، ولأن اللغة الفرنسية تجمعنا معهم هم الذين أتينا لنعيش فيما بينهم، علينا ان نكسر هذا التمايز و”التنوع” لنقول إننا مثلكم مواطنون كنديون”.

وأضافت صبرا متحدثة عن هذا التحدي الجديد في مسيرتها الفنية الطويلة وعن مدة التمارين التي استغرقها العمل بالقول “ليست المرة الاولى التي امثل فيها باللغة الفرنسية ولكنها المرة الاولى التي احفظ فيها نصاً طويلاً، وهنا احب ان اعقّب ان التعبير باللغة الام دائما أقوى، اما في هذا العمل فأنا  اتوجه الى جمهور احاسيسه وشعوره وتعاطفه مع المواضيع تختلف عن احاسيسنا، فنحن شعب عاطفي، حتى اننا نستعمل العاطفة للتعبير بالكلام، فكان التحدي ان احفظ النص بالفرنسية واحافظ عليه بنفس الروحية وباحساسي انا.

تكمن أهمية هذه المسرحية وفق صبرا في كيفية التحضير لها، “فصحيح ان لأعضاء الكورال تجارب غنائية وسبق ان شاركوا في حفلات موشحات وطرب الا انهم ليسوا بمحترفي تمثيل ما دفعنا للعمل معهم انا ويارا كمدربات Drama Therapie حيث عملنا على الصوت والتنفس والتمثيل لنقوي القوة التعبيرية عندهم. وما يميز هذه المجموعة بالذات انها تتمتع بانتماء للوطن، للعائلة، للعمل وهو ما برز جليا في خلال التمارين والتي لعبت دورا في تحريك المخيلة، تعزيز الثقة بالنفس، صعوبات الهجرة الاندماج …”

وحول ما ارادت ايصاله والمخرجة خاشوق من رسائل الى الحضور الذي يمثل كافة المجتمعات العربية منها والغربية تقول صبرا “ان قضية العنف الاسري تعني لي الكثير، علينا ان نتكلم ونضيء على قضايا انسانية من شأنها تقديم النصح والافادة للناس وهذا الموضوع مثلا متوارث من جيل الى آخر  ونراه تمدد وتوسع في خلال جائحة كورونا، لكن كلما اتسعت رقعة الضو كلما زاد الوعي لاسيما في ظل وجود الحلول المتنوعة من مثل المناقشة، زيارة اطباء نفسيين، والانفصال رحمة بالطرفين والاولاد ثالثهما. الضغوط اليومية التي يمر بها الثنائي لا بد وان تؤثر على حياتهما اليومية اما الحل فليس “بفش الخلق” احدهما بالآخر، رسالتنا واضحة تأثير العنف على المرأة، على الحمل المؤدي احيانا الى الاجهاض، على الاولاد، وعلى تكرار الصورة النمطية للمرأة الخاضعة، علينا ان نعيش بسلام اكثر وهذا ما حاولنا ايصاله في هذه الامسية.

وعن جديدها اشارت صبرا الى انها بصدد التحضير للقيام بجولة قد تستمر لعدة اشهر مع وجدي معوض تطال فرنسا وبلجيكا وباريس لعرض مسرحية “أم”، كما يتم التحضير لعمل مسرحي سبق ان عرض اونلاين في مونتريال، ليتسنى للناس متابعته حضوريا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى