كتب اللواء جميل السيد عبر “أكس”:
الحرب البديلة وطائر الفينيق… إسرائيل تهدد منذ اسابيع بالحرب الواسعة على جبهة الجنوب وتتردد في خوضها لسببيْن: السبب الأوّل، لأنّ نتائج الحرب ومدّتها غير مضمونة ضد المقاومة ولا سيما لجهة إعادة المستوطنين بصورة آمنة ودائمة إلى شمال إسرائيل، والسبب الثاني، لأنّ الأضرار على الداخل الإسرائيلي التي قد تسببها تلك الحرب ستكون فادحة ومُكلِفة وطويلة المدى… لذلك نشهد منذ الأمس ما يُسمّى بالحرب البديلة التي تشمل الحرب النفسية والقتل الجماعي المخابراتي في الداخل وإرهاب المجتمع وإضعاف المعنويات وزعزعة الثقة وبث الشائعات وضرب وسائل الإتصال التي هي العصَب الأساسي في الحرب… فهل ستؤدي تلك الحرب البديلة والنفسية إلى تحقيق الأهداف التي تتوخاها إسرائيل من دون أن تخاطر بالحرب المفتوحة في الجنوب؟! أهَمّ تلك الأهداف الاسرائيلية هي: – عودة المستوطنين بصورة آمنة ودائمة إلى شمال إسرائيل. – بقاء إحتلالها للنقاط الحدودية ال١٣، مقابل عرضها لنا بتبادل الأراضي معها ، فتأخذ تلالنا المشرفة عليها وتعطينا وديانها بالمقابل، كما علينا أن ننسى مزارع شبعا المحتلة. – منع وتعطيل إستثمار حقل قانا إلا وفقاً لشروطها وقيودها. – ضمان تراجع المقاومة إلى شمال الليطاني وفقاً لتفسيرها للقرار ١٧٠١. – تحويل دور قوات الطوارئ في الجنوب إلى دور قتالي ضد المقاومة من جهة، وتحويل دور الجيش اللبناني وإنتشاره في الجنوب الى حارس لحدود لإسرائيل ومستوطناتها… والسؤال، أيّ لبناني، مسؤولاً كان في الدولة أو مواطناً عادياً في الداخل والجنوب، يمكن أن يقبل بتلك الشروط ويخضع لها؟! وأي دستور لبناني يسمح لأي أحد في الدولة بالتنازل او المقايضة او المساومة على حدود لبنان المعترف بها دولياً؟! والجواب، منذ عام ١٩٤٨ إلى اليوم، -جرّبت إسرائيل مع لبنان كل أنواع الحروب والإجتياحات والاحتلالات الحدودية والداخلية، -وجربت في لبنان كل أنواع الإغتيالات الفردية والمجازر الجماعية، – وجرّبت في لبنان كل أنواع الفِتَن الطائفية والحروب الأهلية والوعود التقسيمية والإغراءات المادية، – وجرّبت في لبنان كل أنواع وأعمال الإرهاب والتجسس والتخريب والعملاء والحروب النفسية والإعلامية، – وجرّبت كل شيء قد يخطر ولا يخطر على بال أحد، وآخرها أمس واليوم وربما غداً، حروب القتل والترويع الجماعي التكنولوجية، – وقد تُجرِّب غداً حربها الجوّية والبرية والبحرية التي تهدد بها لتعيد لبنان إلى العصر الحجري كما تقول، ولكن إسرائيل لم تدرك رغم كل تلك التجارب أن لبنان قد لا يكون أقوى من أحد، ولا أغنى من أحد، ولا أكبر من أحد، لكنّ ميزته الكبرى هي في أنه لا يشبه أحداً ولا يمكن أن يبتلعه أحد حتى ولو توهّم إلى حين… ومن يتجاهل ذلك عليه ان يقرأ التاريخ، قديمه وحديثه، منذ الإسكندر الكبير الذي استعصت عليه صور الصغيرة، وليس عبثاً أن تاريخه إرتبط بطائر الفينيق الذي يظنّه الغزاة أنه صار رماداً فإذا به يخرج عليهم مارداً في كل مرة… والحلّ بسيط، على إسرائيل أن تعود إلى تعقّلها وتعيد الحقوق إلى أصحابها وأن لا تستخفّ بهذا البلد وتاريخه، فنحن رمال الشرق المتحركة التي لم يحاول أحدٌ دوْسها إلا وغرق فيها… والسلام على من إتّبَع الهُدى…