من القلب

سندباد وياسمينة والود ثالثهما

جاكلين جابر أبو عقل

هي مشاغبة، لطيفة، محبوبة من الجميع. وهي مغامرة، انيقة، ودودة مع الجميع.

هي وهي صبيتان يافعتان جمعتهما مقاعد الدراسة الجامعية وشغف الأيام الحلوة الاستثنائية، فاستثمرت بهما الحياة فرحًا ودلعًا وشيطنة هادئة بجنون، إلى أن استحقتا وبجدارة لقبيهما اللطيفين سندباد المغامر وسنده العاقل ياسمينة.

جميلة هي الأيام التي قضيناها سويًا ولمّا نزل، نفرح معًا، نضحك معًا، ونبكي بحرقة معًا. ومعًا، صديقتي هي ومخبأ أسرارها أنا، معّا تخرّجنا من الجامعة وسويًا انطلقنا في رحلة الحياة الشائقة.

كل الطرقات شهدت شيطناتنا، وكل الدروب حفظت ذكريات تساؤلاتنا، وهيهات كنا لنجد لها أجوبة، ولمَ الهمّ، فما خفي عنا اليوم سيقدّم على طبق من”بورسلان” في الغد؟

وهكذا تمضي الأيام فرحة، لها نكهة خاصة، كطعم الخرما التي أكلناها عن عربة البقّال في الزلقا، دون خوف من تسمّم أو “إسهال”، أو كطعم الكستنا “العسل” في مطلع أمسيات كنا نقضي نهاراتها في البحث عن عمل يضمنا إلى قافلة زملاء مهنة لطالما وصفت “بالمتاعب”، نعرج فيها عند مطعم  والدي الحنون –رحمه الله- نقتات لقمة هنية من يديه قبل العودة إلى البيت نسرد في جلساته حصيلة يوم مضن لكنه بالفعل جميل.

وماذا بعد؟

الكثير الكثير من هذا البعد، فقصص سندباد تشبه قصص ألف ليلة وليلة، أمان وأحلام لا تنتهي، رحلات فيها من قلة التخطيط والمسؤولية ما يجبر ياسمينة على وضع لائحة بأولويات التحدي والاستكشاف، فتمر الساعات ومعها الأيام وفي جعبة الثنائي خبايا مئات الأخبار التي لو أتيح لها أن تتربع على صفحات كتاب لكانت وبالتأكيد ملأت الدنيا وشغلت الناس بلطافتها وخفة ورقة تداعياتها.

صعوبات كثيرة عاشها الثنائي المغامر على مرّ الأيام والليالي، وكم هي عديدة المرات التي تشاركا فيها سعادة غامرة رغم الألم الفظيع؟ فسندباد هو أيوب وياسمينة هي الصبر وما بين صبر وأيوب وسندباد وياسمينة رسائل محبة لصداقة صدوقة عاشت فيها ياسمينة مراحل الحب والزواج والولادة و”كاسات المغلي” وما أكثرها مع سندباد مرورًا بخسارة الحبيب وسفر فلذة الكبد لبناء مستقبل واعد، فيما عاش سندباد تعدّد نجاحات مناصب ياسمينة كما خسارة أهلها وبعدها لوعة الغربة والعودة ومن ثم هجرتها إلى بلاد الاسفندان، ليؤكد هذا الثنائي النادر أن الحياة بمن فيها لا بما تحويه الجيوب منها.

اليوم، سندباد وحده، يعاني كسرًا في رجله و”فكشين” في رجليه، لا يستطيع المغامرة ولا حتى التخطيط لها، وياسمينة بعيدة لا قدرة لها على الطيران بعد، لكن وعلى الرغم من بعد المسافات، يبقى سندباد الغيور على الغد برحلات استكشافية محدودة المسؤولية، وتبقى ياسمينة “الداهية” الخبيرة بحماية من تحب بكل وعي ومصداقية.

بانتظار فرح يجمع جنونهما ليعود للحياة طعم آخر لذيذ يشبه بمذاقه الفريد طعم الخرما “بلا غسيل”من ذاك البقّال على الطريق.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى